إنها الحرب التي جعلت حياتنا جحيم، لها مستثمروها والمستفيدين، كلما طالت كلما تعددت وسائل وأدوات الموت، وانتفاخ كروش مستثمريها ، حرب لا تبقي ولا تذر غير مزيد من الماسي والمعانات، جوع،وباء، فقر،عوز، وصراعات سلبية حقيرة، واقع منافق ومزايدة، دوامة تبتلع الخير والأخيار، كل هذا والعالم يمد يد العون، لإغاثة الإنسان العالق وسط هذه الدوامة، إغاثة إنسانية عاجلة وشاملة، لتعويض الناس ما حل بهم من نتائج الحرب التي أفقدت الكثير منهم مصدر أرزاقهم، إن لم يمت العائل، انقطع الراتب، وان لم يعوق، تلاشت فرص العمل، ومن لم يمت بالرصاص والمتفجرات مات بالوباء.
سؤال يردده الناس في الشارع، من يختار بعض مواد هذه المعونات ؟ التي لا تتوافق واحتياجات العامة، أو أنها لا تصلح كغذاء ادمي، يفترض بالإغاثة، وحتى وان كانت صدقة مما يتناوله الناس في مآدبهم المتواضعة وغذائهم المعروف، والبعض يقول أن بعض المواد ترمى في المزابل، وهذا حرام.
الصدمة عندما تتحول الإغاثة من معونات لعقوبات تزيد من جور معاناة هذا المواطن، الكل يشكو من آليات التوزيع وخاصة في مدينة عدن، ومنطقة كالمنصورة أكثر كثافة سكانية ومساحة عمرانية، مركز واحد فقط للتوزيع، يحتاج للفرد مجهوداً مضنياً ليحصل على كرت الإغاثة ومضاعف ليصل للإغاثة نفسها، والأسر المحتاجة للإغاثة هي أسر منهكة وكبار في السن وأمراض ونساء، يحدثني أحدهم عن الشباب المنفلت (بلاطجة) وتعاملهم مع نظام الإغاثة إثارة الفوضى واستخدام القوة لخرق نظام الطابور دون رادع أمني يشكمهم، حركات تسيء لعدن وأبنائها الطيبين، في ظل غياب الأجهزة الأمنية للإشراف على توزيع الإغاثة، أو حتى آلية تضمن التوزيع السلس والمريح، وتوصيل الإغاثة لمستحقيها لمساكنهم.
ما الهدف من الإغاثة؟ غير نجدت الناس مما حل بهم من كوارث الحرب، لتساعدهم على العيش بشكل أفضل وتجاوز معاناتهم وتداعيات كارثة الحرب، المصيبة عندما تتحول الإغاثة لمشكلة ومعاناة بحد ذاتها، رغم تعطش البعض للإغاثة إلا أنهم تركوها لصعوبة الحصول عليها، والنتيجة سقوط أسمائهم من الكشوفات، وتدريجياً تجد الكشوفات تخلوا من المستحقين الحقيقيين الأسر الضعيفة التي بدون عائل وبدون شخص قادر على المتابعة والمطافحة للحصول على الإغاثة.
آليات عقيمة، وعمل ضعيف غير مجدٍ، تبذل جهوداً ويتعب البعض والنتيجة غير مثمرة، لأن الآلية غير نافعة، والسبب احتكار التوزيع على عدد غير كافي ليغطي المنطقة، وعدم إشراك منظمات المجتمع المدني، والنشطاء من الشباب الواعد، منطقة كالمنصورة، مركز واحد فقط للتوزيع وفترة ضيقة جداً تستدعي حضور الجميع في انتظار وصول عاملي الإغاثة، تراكم بشري في أيام الصيام ومن الفجر حتى الظهر، البعض يحتاج لثلاثة أيام من التسجيل والتعب ليحصل على كيس بر أحمر غير صالح للاستهلاك الآدمي، و2،5 كيلو سكر وعلبة زيت و2 كيلو دال واحد تمر، لا يستفاد من كل ذلك غير من السكر والزيت والتمر.
هل يعلم مسئولو الإغاثة احتياجات المواطن في عدن، والوجبة الرئيسية الرز، ثم إن الإغاثة ما لم تكن سهلة المنال وآليات توزيع تراعي إيصالها بسلاسة ويسر لمستحقيها،رلا يمكن تسميتها إغاثة بل عقاب جديد للمواطن البسيط المحتاج أن نراعي مشاعره، ونسهّل له أموره ونخفف من معاناته وأوجاعه، رحمة وشفقة في الحال الذي وصل إليه هذا المواطن، هذه معاناة الناس هل سينظر لها بعين الاعتبار، أو الإهمال واللامبالاة، والله كفيل في عبده ورحيم به، إذا فقدنا الرحمة من قلوبنا لبعضنا بعض.