أجمل ما وهب الله للإنسان هي حرية الاختيار، والإنسان كائن ثقافي، ثروته أفكار وقناعات، والإيمان بما تحمله من قناعات، يغني عن لوم آراء وأطروحات الآخرين، فكل له قناعاته التي تحكمه، وقراءاته التي ترشده، هناك من يرى بعقله، وآخر يرى بعواطفه وانفعالاته، وهناك فرق.
يقول حال العقل لا أقبل بالفرضية نتيجتها غير مضمونة، أخطو وفق نظرية مضمونة النتائج، هكذا علمتنا الرياضيات، تحكمنا القيم والمبادئ والأخلاق، ومعطيات ما تعلمنا في حياتنا من خبرات وتجارب وما اكتسبنا من ثقافة وما حملنا من أفكار وما تشبعنا من التاريخ والحضارة، حتى لا نخدع، يكفي ما انطلى علينا، قرن من الخذلان، والأحلام التي تلاشت في الهواء.
لا ينزعج من الرأي المخالف غير ضعيف الإيمان بقضيته واختياره متذبذب شكاك، يخاف أن يكون على ضلال وغيره على حق، الرأي لابد أن يقال وأن يفصح كل منا عن مكنوناته، حيث قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لا خير فيكم إن لم تقولونها ولا خير فينا إن لم نسمعها منكم) وقال فولتير (إنني أختلف معك في كل كلمة تقولها، لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في أن تقول ما تريد)، على الجميع أن يعي أن المختلفين ليسوا أعداء ولا متآمرين ولا خونة، المشكلة تكمن في الصورة الذهنية والعقلية المريضة والضلال عن الحق والغباء، لعلاج ذلك جرعة وعي لأدراك حقيقة هامة (حيث تكون الحرية يكون وطن)، هنا تكمن أهمية الاختلاف وحق الآخر بالاختيار، لتكون مناضلا وطنيا وإنسانيا في سبيل ذلك الحق، وعي يغني عن مراقبة الناس في اختياراتهم ومواقفهم وتوزيع صكوك الوطنية والخيانة، هكذا تشوه المشروع الذي تصطف معه، كن في مستوى قيم مشروعك، وقدم نموذجا طيبا للجذب حتى لا تكون وأمثالك سببا رئيسيا منفرا للآخر ولمن يفكر أن يصطف معك، لا تكن عدو إثراء المجتمع بالتنوع ومشكلة مستعصية في التوافق والاتفاق على مشروع وطني جامع يوقف نزيف الدم ومسلسل التدمير والخراب ويرفع من شأن الأمة وينهض بالوطن، إن كنت تهتم للوطن، وإن كانت اهتماماتك مصالح أنانية ضيقة ومشاريع صغيرة تقف في وجه التغيير المنشود، سيتجاوزك الزمن وستمر عجلة التغيير الإيجابي في مسارها الرباني لحياة أجمل لتدوس جسدك المثخن بالمصالح..