في إطار المجتمع الواحد، في الشعب الواحد، في الوطن الواحد؛ تكون نقاط الاتفاق أكثر بكثير، بل وكثير جداً من نقاط الاختلاف.
يقف الكبار وأصحاب الهمم العالية والمشاريع الوطنية الجامعة، في قلب هذه النقاط التي تسع الجميع، وفي عمق المشتركات التي تلبي حاجات الكل، بينما يغرق الصغار وأصحاب الهمم الهابطة، والمشاريع الصغيرة أو الضيقة؛ جهوية كانت، أو سلالية، عند نقاط الاختلاف القليلة التي يتخندق أصحابها بغباء مركب خلفها؛ ليفرضوها على القطاع الأوسع والأكبر في المجتمع.
لا يعبأ أصحاب هذه النقاط ذات المستوى الهابط، أو النفس القروي، أو السلالي، أو العائلي، أن يستغل الكبار ممن يغلبون مربع المشتركات، ويتمسكون بنقاط المتفق، والفضاء التوافقي الواسع، الذي يحرص عليه الكبار؛ حرصهم على وطن يتسع للجميع، لكن الصغار ينفذون من هذا الحرص لدى الكبار؛ ليمارسوا عليهم الاستغلال بأبشع صوره، وهو استغلال انتهازي، ينسجم مع الهمم الهابطة والمشاريع الصغيرة.
وبينما تجد الكبار يغلبون المبدأ ومصلحة الوطن، تجد أولئك الصغار تتقمصهم الأنانية، ويقدمون مصالحهم على حساب المبدأ، بل وعلى حساب الوطن، وحاضر الشعب ومستقبله، ولا يعبأ هؤلاء وأمثالهم، من السعي لتمزيق المجتمع، أو تفتيت الوطن، أو الارتهان للخارج، غير مكترث بما سيحل بالوطن، وكل همه أن يحقق مآربه ونزواته الأنانية، وإذا لم يدرك مآربه ونزواته، فيتحول همه ومساعيه إلى الانتقام، بالانتقام من الشعب و الوطن.
وهذا بالضبط ما يفعله اليوم تحالف الحوثي والمخلوع. أما الحوثي فقد ارتهن لإيران مبكرا، وأما المخلوع فلم تبق لدية ذرة من رجولة أو حياء فضلا عن وطنية، ومن أجل الانتقام من الشعب والوطن، فهو مستعد للارتهان والارتماء في أحضان كل من يمكن أن يلحق الضرر بالشعب اليمني؛ ولذا لم يتورع أن يصير مجرد عكفي في حاشية الحوثي، أو مجرد خادم لخادم إيران.