كثير ما يستخدم الدين كوسيلة للوصول لغاية قد تكون سياسية أو مصلحية، الدين أهم وسيلة للتقرب للناس، فنسمع عن الإسلام السياسي، وارتداء الدين كعبأيه لهدف غير ديني أو أنساني، التطرف في حالاته اليوم يفرغ الدين من محتواه ألقيمي والإنساني والأخلاقي، ليروج من خلاله لمشاريع سياسية كانت أو فكرية ضالة تقيد العقول وتظلم الحياة، البعض لا يريد لخطبة الجمعة أن تواكب تطور العصر والإنسان، فتحولت لنص جامد تتكرر فيه المعنى والحركات والألفاظ الشكلية، منذ قرون، يفقدها المضمون التربوي والتعليمي والتنويري، شعور أن خطبة الجمعة تحفة تراثية من موروثات الزمن الماضي، لم تتجدد فيها الحياة لتودي دورها لتنوير المجتمع في أمور الحياة العامة،
والمصيبة عندما يستثمر الخطيب المنبر للترويج السياسي لقناعاته وتوجهاته، والكارثة في الفتاوى التي يصدرها البعض ويحرض الناس على القتل واستباحة الدماء لكل من يعارض تلك القناعات، مساجدنا اليوم يحتكرها فكر يحارب كل من يختلف معه ويقصي ألأمة والخطباء والمؤذنين، الذين يختلفون معهم في الرأي، لماذا لا تحيد منابر المساجد؟!! للإرشاد والتوجيه لوسطية الفكر والوعي الاجتماعي، يحرم فيها التحريض والتأليب والفتاوى والتعصب والصراعات السلبية.
الواعظ الجاهل أو المتعصب، يشكلان خطراً جسيماً على الأمة والوطن، منبر المسجد للتنوير والتوعية والتربية العامة والعبادات، منبر لتشكيل وعي اجتماعي وسطي متحضر في أمور وشئون الحياة، في موضوعات عن الصحة وتربية النشء وأهمية التعليم والقراءة والتماسك الأسري والاجتماعي ومحاربة الآفات الاجتماعية والفساد، وآداب الطريق وحركة السير، والاقتصاد وترشيد الاستهلاك، ودفع الالتزامات المواطن للدولة، وحب الوطن والإنسان والحياة .
الواعظ يفترض أن يكون من الأخيار، موسوعة علمية ودينية وصاحب علاقات اجتماعية واسعة، يتلمس أوجاع وآلام الناس، مؤتمن في وطنيته وأخلاقه ووسطيته، مثله مثل الطبيب والبرلماني والمعلم والمسئول، مراقب من قبل العامة في طرحة ويعاقب من قبل الأوقاف في تجاوزاته وخروقاته للثوابت الوطنية والإنسانية والأخلاقية والعلمية .
اليوم تحريض وتحريض مضاد لفتاوى تعلن عبر منابر خطب الجمعة، وصمت رهيب من قبل القائمين على حياة وأمور الوعظ، والقائمين على ضبط إيقاع هذه الحياة، الأمن، الأوقاف، محاربة الإرهاب والجريمة، أين هولا مما يحدث؟ لا أعتقد أنه لا علاقة لهم بما يحدث، إلا إن كانوا راضيين، صمت مخزٍ يؤدي للتمادي والتطاول، حتى يصبح المنبر مشكلة للترويج للموت والصراعات، ضحاياه في ذمتكم ليوم الدين .
لنجعل المنبر وسيلة للتنوير والتوعية العامة ونوقف العبث في استخدامه للتحريض والحشد والفتن لغايات مريضة أنانية خاصة، وصراعات مذهبية غبية والله من وراء القصد .