المجتمعات تمرض وتضعف، وينتشر المرض ليصيب العقل الجمعي فينهك هذا الجسد الكبير المعلول بأمراض اجتماعية عدة من زمن الفساد والاستبداد، ليكون من السهل حقنة بالمزيد من فيروسات و وسائل الإنهاك هي الإشاعة، لإدخال المجتمع في أتون الفوضى والهمجية والتخبط والصراع وخلط الأوراق، وسيلتهم للبقاء متسيدين فاسدين عابثين.
الإشاعة حرب نفسية، يلعبها السياسيون، ويتقبلها ضحاياهم من مرضى واقعهم وفق منهج علم النفس، تسكنهم وتسيطر عليهم صورة ذهنية، يعيشون أوهام ما في الصورة، متقبلين أخبار وحكايات تنعش تلك الصورة.
الإشاعة أخطر من الحرب العسكرية، لكونها تؤثر على عقول الناس ومعنوياتهم، كما يمكن أن تشل اقتصاد الدولة، وتعمل على خلق البلبلة، وتساهم في إضعاف الثقة بين الحاكم والمحكومين، وشركاء العملية السياسية.
حرب نفسية يشنها الانقلابيون (الحوثي وصالح ومن على ركبهم)، لديهم فريق يعمل على مواقع بأسماء مختلفة، كتاب ونشطاء وسياسيين، ويرسل رسائل، يستدعي ثارات وصراعات ينبش في القبور والمزابل،فيجد من يستقبل ويصدق وينقل ويعلق يعيد الروح لفتن تجاوزها الناس، تعزيزا للخصومة والفجور والفجور والتناحر، واستحالت التوافق والتقارب.
الإنسان السوي والواعي والمثقف، المفكر الذي يقرءا الواقع والمشهد بعقل بعيد عن الانفعالات بحرية وشفافية، هو القادر على التمييز بين الحقيقة والخيال بين المعقول والغير معقول بين الأصح والخطاء يكشف الدس والفتن، والمغزى من التسريبات والإشاعة.
للأسف مواقع وقنوات كنا نحترمها اليوم هي جزءا من الترويج للإشاعة بإيعاز من دوائر تموينها.
نحن مع النقد للممارسات والسلوكيات، أينما وجدت حتى في الذات، المنافق ينتقد سلوكيات الغير وهي فيه، التعميم مشكلة، الهجمات الشرسة لمكون سياسي هو هد وتخريب للبنية السياسية وأدواتها الفاعلة، بعمد وإصرار لهدف غير نبيل.
كل يوم يزداد عدد ضحايا الشائعات، كل يوم يزداد حجم هواة الترويج لها، يعملون بجد وثبور في نسخ ولصق أخبار ومنشورات وتسريبات خاليه من الصحة، كثرت المواقع المزورة بأسماء شخصيات ونشطاء وكتاب رأي وسياسيين وعسكريين، مخطط متقن من المغرضين وأعداء التوافق والتسامح والحب والحياة، حرب نفسية، لتحطم ما تبقى من روابط، تمزق النسيج، وتشتت الانتباه، وتخلط الأوراق، والجهل والتخلف والمرضى يصدقون، ويبنون عليها مواقف واختيارات بتهور وشطط، واقع بائس مزري تعفن فيه البعض، وهناك من الوعي والصحوة ما يرصد كل عمل معيب، ستنهض الأمة وستبقى تلك الأعمال نقاط سوداء في تاريخنا ومعيبة على أصحابها.