بعد كارثة 21 أيلول الأسود، والذي تتوج بتسليم المعسكرات بكافة ألويتها وكتائبها وعتادها ومعداتها، وحتى ضباطها - إلا من رحم الله وقليل ماهم - بعد ذلك بأيام معدودات يبرم الانقلابيون اتفاقاً مع إيران، يتم بموجبه تسليم ميناء الحديدة لإيران للقيام بإدارته، وعلى أن يستقبل مطار صنعاء 28 رحلة طيران أسبوعيا من إيران.
وعودة إلى المعسكرات والألوية و(الضباط) الذين تم تسليمهم أو بيعهم للحوثي، فلا بد من الإشارة إلى أنه وأثناء تصدي محافظة عمران لمليشيا الإمامة بقيادة الضابط الحر حميد القشيبي ومن معه من أحرار الجيش، وكان الموقف يتطلب دعماً لذلك التصدي، كانت تروج مقولة متآمرة، في غاية الخبث والخسة والغدر؛ وهي أن الجيش يجب أن يقف على الحياد من كلا الطرفين !!
من هما الطرفان؟ كان الإيحاء أحياناً والتصريح غالباً، يريد أن يسوّق أن المواجهات إنما هي مجرد صراع بين (الإصلاح) والحوثي !
وهي مقولة شربت (مقلبها) حتى قوى سياسية، واتضح المشهد بعد الغدر بالقشيبي وإسقاط عمران أن معظم ضباط الجيش كانوا عبارة عن ضباط مخصيين، وأن (بعض) قيادات سياسية كانت مخدوعة أيضاً. ولم تنزل الكارثة بالإصلاح فقط، كما توهم مخصيو العسكر وبعض الساسة، ولكن الكارثة المدمرة حلت باليمن كله.
إن نزعة التشفي أينما وجدت، وفي أي كانت؛ تدفع نقداً لصاحبها أولاً؛ فيكتوي بنارها سواء بسواء مع المتشفى به !
و تمام الرجولة؛ ألا تكون الأوطان والمبادئ محل مساومة أو تشفي.
و تكشف المشهد أيضا؛ بعد الغدر بالقشيبي ومحافظة عمران، أن المخصيين في قيادة الجيش، لم يستمروا في حيادهم وإنما اقتيدوا بمعسكراتهم وألويتهم؛ ليصبحوا جميعا مع مليشيا الحوثي خنجرا في ظهر الوطن.
اليوم هناك استنساخ لتلك المقولة السابقة التي روجت بأن يقف الجيش على الحياد، ولكن بصورة أخرى وهو أن ينفذ تسليم الحديدة - ليس لإيران بالضبط كما أراد الحوثي - ولكن لمن يسمونه طرفا ثالثاً! والمعنى المستنسخ أن يقف الطرف الثالث على (الحياد) من الطرفين المتنازعين، وهنا يكمن السم تماما، حيث توضع الشرعية مع المتمردين في مسمى واحد، الطرفان المتنازعان !
ليس هناك إلا سلطة شرعية يجب أن تبسط سيطرتها، وأخرى متمردة يجب أن تخضع وينتهي تمردها.
أما إعطاء الفرصة للمتمردين؛ ليلتقطوا أنفاسهم ويرتبوا أوراقهم في ظل طرف ثالث؛ يقف على الحياد كما وقف مخصيو الجيش قبل عمران حتى حلت الكارثة، فذلك جحر مكشوف ليس من الصوب أن تلدغ البلاد منه مرتين.
نعم نريد السلام ونتمناه.. ولا نريد استمرار الحرب أو تأجيلها - في ظل طرف ثالث - ولن يحل السلام إلا بإسقاط الانقلاب والتسليم بنتائج مخرجات الحوار الوطني.