ما كان ليتخيل ( المخلوع ) أن يأتي يوم ، يخلع فيه من السلطة، و أن تأتي ثورة تعريه و تكشف عن مساوئه بشكل ما حدث .
لقد جن جنون الرجل يوما ، عندما نشرت صحيفة الصحوة مقالة طويلة عن الشأن اليمني، و ضمنت المقال صورا للإمام يحيى و ابنه أحمد ، و للمخلوع و ابنه أحمد .
كان يومها ما يزال في أوج سلطته ، و اعتبر إنزال تلك الصور تعريضا به و ولده ، و أن لها إيحاءاتها ، فأرعد و أزبد ، و هدد و توعد !
يومها لم يدر في خلده أنه على موعد - ربما بعد سنتين أو ثلاث - مع ثورة شعبية عارمة ، تنسف كل الهالة و الهيلمان التي صنعها الإعلام حوله ، فإذا بساحات الثوره تكشف سوأته للناظرين في أنحاء اليمن و العالم ، و تعريه على مدار الساعة و حتى اليوم .
و إزاء تلك الثورة التي خلعته و أسقطته بعد أن عرته - إلى الحضيض ، امتلأ حقدا ظل يتراكم على مدار الساعة ، منذ صعقته الكلمة المدوية مطلع الثورة : ( إرحل ) و التي لم يتوقعها أبدا !
لم يتمالك أعصابه حين صكت خده و مسامعه ( إرحل ) ؛ ليتساءل و بلا تماسك أو شعور ؟ يرحل ؟ من يرحل !؟
و مع عنفوان الثورة و وهجها ؛ كان عنفوان حقده يتمادى و يتراكم ضد الجميع !
فتضخم جراء ذلك في نفسه شيئ واحد ، و لم يعد يرى أو يفكر أو يخطط إلا لشيئ واحد و هو ( الانتقام ) من الجميع .
و حين وقع على المبادرة الخليجية ، كان يشعر أنه كأنما يوقع بالموافقة على أن يتجرع السم الزعاف !
و من حينها و قبلها، كان يبحث عن وسائل الانتقام و أدواته.. و وجد الوسيلة و أدوات الانتقام بالحوثي .
و على حين غفلة و غفوة - عند البعض - للحس الوطني ، نفذ الحوثي و المخلوع المخطط الانقلابي ؛ و لأن المخلوع كان هدفه الأول : ( الانتقام )، فقد نقل ( ملكية ) ضباط كبار و معسكرات ضخمة لصالح الحوثي ، و حتى ملكية بعض من يقال عنهم ( دكاترة ) أو قادة سياسيين ، حيث أصبح هؤلاء جميعا بمثابة (ملك يمين ) للحوثي !
لقد قرر (صالح ) انتقاما ؛ إعطاء التبعية الكاملة لعبده الحوثي ، كما قرر أن يغدر بالثورة و النظام الجمهوري ، انسجاما مع فلسفته في العمل السياسي : علي و على أعدائي !
وعمل للانتقام من كل اليمن و اليمنيين حتى من أنصاره الذي يرى أنهم لم ينصروه بما فيه الكفاية في مواجهة ثورة فبراير !
لم يكن همه حين الانقلاب شيئ يسبق أهمية الانتقام و الانتقام فقط ، و لو على طريقة : ( علي وعلى أعدائي ) !
ومع طول فترة أمد الحرب ، وأسباب أخرى ، بدأت أحلام العودة إلى الحكم تمنيه .
و ها هوذا اليوم يتلمس بهوسه الشديد في حب السلطة وسائل و طرقا يظنها و يتوهمها أنها قد تفيد، فليجرب الحشد إلى السبعين !
ليس لليمنيين أي اعتراض أو أدنى إشكال ، لو أن الحشد للمؤتمر كحزب و بدعوة من الحزب ، لكن أن تكون الدعوة للاحتشاد من رجل أعلن و ساهم بفاعلية في حرب انتقامية ضد اليمن و اليمنيين حتى اللحظة ، و تحدثه أوهامه بعودة إلى السلطة فذلك هوس من هوس الجاهلية الأولى ، سواء ظل في حكم ملك يمين للحوثي ، أو مولى حليفا له ! و الثورة منتصرة و اليمن الاتحادي قادم.