فليرقص علي صالح على كل أنواع البرع أو دقات الطبول، وليبق على تحالفه المخزي مع الإمامة ضد الجمهورية أو ينسحب مهاناً مدحوراً، و إن شاء أن يسعى لتحسين شروط تحالفه المهين مع نزيل الكهف فهذا شأنه؛ ليصل - و لو إلى الحد الأدنى مما يريده - في تخفيف الضغط و الإهانات من مشرفي الكهف على وزرائه، وعليه أيضاً- وحتى من حقه طلب توسيع الدائرة الضيقة التي هو محبوس فيها، ناهيك عن تقاسم نهب الموارد و رفع نسبته منها!.
لكن هذا السعي من صالح الآن غير صالح، فقد فاته القطار، كطلقة مرتدة، فالبلاء موكل بالمنطق، غير أن مساعيه ستفشل، والمثل الشعبي يقول: (من باع بارك!).
وصالح ارتكب جريمة العصر حين باع المؤسسة العسكرية والأمنية بالجملة، وغدر بالثورة والجمهورية حقداً وانتقاماً لمشروع التوريث الذي حطمته ثورة فبراير.
وتبادل التهم بين حليفي الانقلاب اليوم؛ كتبادل اليهود والنصارى تهمة (ليسو على شيء) فصدق كل منهما فيما قاله على الآخر، كذلك صدق حليفا نكبة الانقلاب في أن كلا منهما يتهم حليفه بالغدر .
فسلسلة غدرات الحوثي أشهر وأكثر من أن تعرف أو تحصى! و غدرات صالح باليمن وتنكره لكل اتفاق صارت صفة لصيقة به، و لو لم تكن له إلا غدره بالثورة و الجمهورية؛ لمصلحة الإماميين، لكفته في أن تدخله قاموس جينز متربعاً الأولوية على كل مجرمي العالم وغداريه!
والشعب اليمني يعرف أن الغادرين اشتركا معا في الغدر بنتائج مخرجات الحوار الوطني.
تفاءل كثير من السذج باحتفائة صالح في ذكرى تأسيس حزبه، وحتى بعض (البسطاء) داهمتهم مشاعر متفائلة، معتقدين أن (الزعيم) بحسب تسميته لنفسه، أو(الغادر) بحسب تسمية الحوثة له، سوف يفجّر مفاجأة تودي بالحوثيين إلى ما وراء كهف مران، غير أن الزعيم الغادر تكلم ولم يقل شيئاً!
وبدا أن كل طموحه من وراء حملة أنا (نازل)، أنه لا يتمنى أكثر من فرصة تواتيه؛ ليلتقي بحشد يلقي فيه خطابا يجد فيه (ذاته) القديمة؛ وليجعل من ذلك زادا ينفخه لاستكمال مهمة الانتقام من اليمن و اليمنيين أجمعين.
إن النفس الذي ظهر جهارا في خطابه في نهاية فبراير من هذا العام، كله تحريض ضد محافظة تعز والذي استباح فيه حياة أبنائها بقوله علنا :أقتلوهم، أحرقوهم، أقنصوهم بكل أنواع الأسلحة.. الخ ما ورد من تهديد يومها؛ هذا النفس وتلك الروح الحاقدة المتربصة هي التي برزت اليوم، لقد تعهد برفد الجبهات بعشرات الآلاف بزعمه، هذه هي النية التي يحملها لكل اليمن واليمنيين.
لا يطلب (الغادر) أكثر من فرصة تتاح في حشد يلقي فيه كلمة ترضي غروره، ويصفق لها المخدوعون والمنتفعون.
كان شعار حملتهم فعلا، اسم على مسمى (أنا نازل) وقد أبقاهم فعلاً: نااااازل!
رب ضارة نافعة! كان الاحتفال احتفاء مخيباً للآمال، والنافع الذي نقصده أن بعض الأحرار والشرفاء، لا يوقظه الهمس، و إنما لا بد لهم من هزة، والخيبة التي غمرت ميدان السبعين هذا اليوم ستوقظ أحراراً وشرفاء كثر في المؤتمر، سواء من الذين حضروا الزفة أو ممن تابعوها عن بعد، حيث ستتوفر لهم قناعة تامة أن ما كانوا يؤملونه ويعولون عليه في موقف حر أبي ينتصر للثورة والجمهورية، قد غاب تمامًا وحضر بدلا منه مغازلة صاحب الكهف، تمخض خطاب (الزعيم) عن فأر ليس إلا.