نكران الذات والتماهي في عمل جماعي؛ حين يتعرض الوطن للمخاطر حقيقة من حقائق حملة الرسالات، وأصحاب المشاريع الوطنية الإستراتيجية، وصفة من صفات النقاء الثوري .
إن تضخيم الذات بالنفخ الإعلامي، أو احتكار صفة الوطنية، بالتعريض لمواقف الغير، أو السخرية منها بهدف إبراز الذات عبر لمز وازدراء من يفترض أنه يمثل معهم صفا واحداً، لا يعدو أكثر من أنه موقف أناني، يخطئ فيه صاحبه - سواء كان فردا أو جماعة أو حزبا - مكانا، ويخطئ زمانا، ويخطئ موقفا .
فالمخاطر التي تحدق بالأوطان، تفرض على الفرد، كما تفرض على المجموع، وتفرض على الحزب أو التنظيم كما تفرض على المجتمع والشعب؛ أن يصطف لمواجهة تلك المخاطر، منكراً لذاته ومتماهيا في عمق ذلك الاصطفاف، الذي تكون رسالته ورؤيته وهدفه إزالة الأخطار والمهددات، فإذا ما زالت تلك الأخطار، يصبح ميدان التنافس في الرؤى والبرامج ومحاولات تقديم الأداء الأصوب كما يراه هذا أو ذاك متاحا وأمرا طبيعيا.
إن الاستثمار السياسي وتسويق الذات في إطار عمل وطني مشترك واصطفاف جامع، أمر ينعكس إيجابا على بناء الوطن والسعي لترسيخ التحول الديمقراطي المنشود، أما الاستثمار السياسي الأحادي، القائم على النفخ الإعلامي للذات وخاصة حين يكون على حساب الصديق أو الشقيق، فإن مثل هذه العنتريات الكلامية( قد ) تصلح في حال الأوضاع العادية والمستقرة، لكنها قطعا لا تصلح في أوضاع استثنائية .
فعلى سبيل المثال كانت بعض قيادات مؤتمرية غير موفقة بالمرة حين ظنت أن الفرصة وافتها للاستثمار السياسي، فاسترسلت خلف المخلوع - في التمكين لمليشيا الحوثي الظلامية - الذي كان هدفه الوحيد الانتقام من ثورة فبراير، في حين أن ذلك البعض من القيادات المؤتمرية كانت تريد مجرد الاستثمار السياسي ضد قوى ثورة فبراير، وكانت نتيجة الاستثمار السياسي الغبي طعنة نجلاء في ظهر الثورة والجمهورية، لم تصب المستهدفين الذين قصدهم الاستثمار السياسي فحسب، وإنما أصاب الجميع، وأسوأ الإصابات وأوجعها ما أصاب حزب المؤتمر .
هذا القول، بل الدرس المؤلم ليس للتشفي بل للعظة والاعتبار، وأحسب أن حزب المؤتمر وبعيدا عن علي صالح، مطلوب منه أن يلعب دورا وطنيا حاسما وسريعا .
إن أي فصيل أو حزب، سيكرر اليوم سياسة الاستثمار السياسي الأبله والأناني كما فعلت تلك القيادات المؤتمرية، فإنه لن يضر إلا بتاريخه السياسي أو رصيده النضالي، ولنا ( جميعا ) عبرة فيما آل إليه حزب المؤتمر من وضع اليوم ! أقول المؤتمر كحزب وليس كشخص اسمه علي صالح .
لا نحتاج اليوم في اليمن إلى عنتريات القول، أو بطولات البيانات والتصريحات، وإنما نحتاج إلى بطولة المواقف ونكران الذات، وإلى تعزيز التلاحم، وعنتريات الفعل في الجبهات وخطوط التماس في مواجهة عدو الشعب والوطن :
إن ألفي قذيفة من كلام
لا تساوي قذيفة من حديد