بناء جيش وطني هدف من الأهداف الستة لثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
و تأتي المفاجأة بعد اثنتين وخمسين سنة من الثورة حين أكتشف اليمنيون أنه ليس لديهم جيش وطني، فالمخلوع عزم مبكرا على التخلص من التوجه الوطني للجيش، ولم يجد من طريقة أفضل من تكوين مسمى جديد هو الحرس الجمهوري ليبنيه على الولاء للفرد، هذا من جهة، ومن جهة أخرى زج بوحدات الجيش الوطني في معارك جانبية لاستنزافه، بحيث يتآكل عددا وعتادا؛ إلى جانب التسريحات الواسعة، ناهيك عن التمييز بالتسليح والاهتمام من كل النواحي بألوية الحرس . والشيئ نفسه تم عمله مع الأمن العام والأجهزة الأمنية الأخرى حيث حلت مسميات جديدة موازية للوحدات السابقة تقوم بنفس الدور والمهام، بحيث يتقلص دور المكونات السابقة وتتآكل عددا وعدة ومهاما أيضا؛ لتحل محلها الأجهزة الجديدة .
وأظهرت الأحداث أن المخلوع كان على وشك إنهاء ما تبقى من مؤسستي الجيش والأمن الوطنيتين لحساب ما بناه من وحدات جديدة في المؤسستين يكون ولاؤهما لشخصه وأفراد أسرته كسياج آمن يحمي مشروع التوريث .
وقد بين الواقع وبصورة عملية أن الجيش لم يبن على أسس وطنية، ولا ظهر أن لديه عقيدة أو مرتكزات أساسية، تمثل له عقيدة قتالية أو ثقافة وطنية، إلا لدى قلة قليلة من الضباط في قيادات بعض الألوية والجيش، وإلا فقد صودر الجيش وعيا وثقافة وعقيدة قتالية لصالح العائلة في أسرة المخلوع !
و ليس أدل على ذلك من أنه عندما وصلت مليشيا الحوثي إلى عمران ثم صنعاء و... كانت تلك الوحدات والمعسكرات تتهاوى كأصنام من ورق في يوم عاصف، وتستسلم بصورة مخزية لغلمان ومراهقي مليشيا الحوثي. ذلك لأن قيادات تلك الألوية والوحدات العسكرية والأمنية، وأقول(القيادات) إلا من رحم الله وهم قلة كانت لهم مواقف، فيما الغالبية بيعت كعبيد في سوق النخاسة إلا أن هؤلاء العبيد لديهم معسكرات !
ولأي أحد أن يقارن بين سبتمبر 2014 في شهر النكبة، وبين حصار الملكيين لصنعاء في حصار السبعين يوم وصل الملكيون إلى مشارف العاصمة صنعاء، فكان هناك نواة لجيش وطني، أقول ( نواة ) لجيش وطني لا مقارنة بين تسليحه المتواضع وبين تسليح الحرس الجمهوري المتميز والذي تهاوى مع المعسكرات أمام مليشيا الحوثي، بينما نواة الجيش الوطني إبان حصار السبعين لم يرتهن لفرد أو لجهة، وإنما كان جيشا للوطن؛ ولذلك فقد تمكن ذلك الجيش بأفراده وضباطه من التصدي ببسالة لفلول الملكيين بسلاح العزم والحزم وإلحاق الهزيمة بفلول الإمامة .
ونأتي للأسف إلى يوليو وسبتمبر 2014م. حين انكشفت عورة الجيش العائلي أمام مليشيات الحوثي وسط ذهول شعبي غير مسبوق وواقع لا يصدق .
لقد ثبت بكل أدلة الواقع والتجربة أن المخلوع كان يعمل ضد أهداف الثورة اليمنية، وكان وقوفه ضد بناء جيش وطني من أبرز الأدلة ! ولو كان هناك فعلا جيشا وطنيا لحمى الشعب والوطن وأسقط مليشيا الظلام والخراب !!