;
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

مسيرة الدم ودواعي الانتقام 1261

2017-10-14 17:44:00

تاريخنا الحديث هو امتداد للإرث الدموي لألف وأربعمائة عام من المؤامرات والدسائس لنيل السلطة، دموي بكل المقاييس، وسيظل دموياً ما دامت ثقافتنا ترى في قول أبي تمام" السيف أصدق أنباء من الكتب" مصدر وحي في زمن الفكر والتكنولوجيا والعلم الحديث، لم نستوعب دروس التاريخ، نتعامل معها بغباء شديد، ولا نقدم رؤية نقدية لهذا التاريخ، ونستخلص من أحداثه العبر والدروس، مجتمع يقتله الثأر والانتقام ينقله من فشل لفشل، مسيرة مكتسية بلون الدم، وتصرخ جنباتها من دواعي الانتقام، نتحرك كجحافل أغبياء مشبعين بالشكوك والهواجس، نعمم كل شيء، دون وعي وعقل نحمل بنادقنا لنصفي بعضنا بعضاً، ننتحر وننحر مشاريعنا الوطنية بأيدينا، بالشطح والتهور والعنجهية تلك هي مؤشرات الغباء والتخلف، حيث لا يستخدم العقل البتة، من حق عدونا أن يسخر منا بل يهزأ ومن حقه أن يصفنا مجتمعات متخلفة أو متوحشة أو العالم الثالث .
ما يحدث في عدن من تجريف للساحة السياسية وحظر نشاط حزب سياسي كالإصلاح موجود على الأرض ومعترف به، واعتقال قياداته واقتحام مقراته، هو استمرار للنفس الشمولي الماضوي الرافض للتغيير والتحول المنشود، هو استمرر لمسلسل الدم والتصفية، هو الماضي القابع على الحاضر المعيق للمستقبل.
من منا بلا خطيئة، أعطوني حزباً أو مكوناً سياسياً قبلياً لم تتلطخ يداه بدماء خصومه، السلطة بالنسب لمثلنا هي فرصة للاستبداد ومن أول نفس بالشعور بالقوة نمارس شتى وسائل الظلم والاضطهاد والتعسف بحق الآخر المختلف والمتنوع الذي لا يتوافق ووجهتنا السياسية أو الفكرية .
كنت وجيلي شهود على مراحل صراع دموي في الجنوب منذ الاستقلال والحرب الأهلية بين القومية والتحرير، مسلسل تتابعت حلقاته بإحداث الرئيس قحطان واغتيال الرئيس سالمين وأحداث يناير المشئوم، تم تصفية كوكبة من أخيار البشر وكوادر الدولة أصحاب الفكر وعقلاء السياسة مهنيين كانوا قد وصلوا لمستوى العالمية في مجال أعمالهم، كنا شهود على تصفية رجال الدين ورجال القبائل، نفكر بفرض أيدلوجيا الفكر الواحد وحكم الحزب الواحد، مخترعين تصنيفات اليمين الانتهازي واليسار الانتهازي..الخ، وصلت بنا الأمور لمحاربة الخمار، متجاوزين كل الحقوق الإنسانية والدينية بالقوانين الوضعية والشرعية، في حق الاعتناق والملبس والفكر، كل هذا الم ووجع أصاب الوطن بالفتن والثارات، شق الصف ومزق اللحمة وجعل البعض فريسة سهلة للمغرضين والمحرضين، والحشد لخدمة نفوسهم المريضة، تلاشت أحزاب ومكونات سياسية، وولدت أحزاب ومكونات سياسية من رحم هذه المعاناة، واستخدمت تلك الأحزاب لاستمرار مسلسل الصراع ودورات سفك الدماء، هذا بعد الوحدة والتعددية والديمقراطية، حينما تفاءلنا، وذهب التفاؤل أدراج الرياح، لأننا مجتمع ماضوي محقون بالثارات، كنا فريسة سهلة لمستبد وطاغية، قوضنا مستخدما تناقضاتنا، غذائها وأحياء ما مات منها، حتى حولنا لمجتمع ضعيف أهون من بيت العنكبوت وانقض علينا في 94م، ولازال إلى اليوم قادراً على استخدام تناقضاتنا، لم نفق بعد من هول الصدمة، صرنا مثيري للشفقة، سهل اقتياده لمعارك تصفية بعض بعيدين كل البعد عن الوطنية، بعد 27 عاماً وتغيرت التحالفات وواقع الأحداث، واكتسبت بعض الأحزاب مكانة وحنكة سياسية ومواقف مشهودة، تغيرت الرؤى والمواقف وفق مرحلة الثورة الشبابية التي فرزت الغث عن السمين، التي يفترض أن نتغير وفق متغيراتها نواكب أحداثها، لكن بعضنا قابع في ذلك المربع، لا يريد أن يغفر ويستغفر، لا يريد أن يتصالح مع الذات والتاريخ والآخر، وإن تصالح هو تصالح مصلحة آنية وبور مجندة إعلامية للترويج فقط.
ما يحدث في عدن على نفس الخطى سائرون وبغباء شديد، سنكون لقمة صائغة لأعدائنا، أعداء الحرية والمواطنة والدولة، حينها لن نحصل لا على استقلال ولا حرية ولا كرامة، ولا دولة اتحادية ولا دولة مستقلة، لا ينفع الندم بعد زلة القدم وفوات الأوان .
لن تبنى دولة المواطنة دون ديمقراطية ولا ديمقراطية دون تعددية وحرية، ولا تعددية دون أحزاب، ولا حرية دون أفكار متنوعة، واللهم اشهد عليهم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد