الحياة هادي غريبة، تأخد من ناس وتعطي ناس، الطيب والبطال فيبه لهم نصيب، مافيش احد أحسن من احد، ولا أحد زايد على احد. اسمع كل يوم صوت أبو السكريم جنب البيت في نفس الساعة، يعني بعد الغداء وهو قده يصيح عشان يسوق للآيسكريم وبطريقة سريعة تناسب الإيقاع السؤيع الذي يسوق فيبه العربه الصغيره حق الايسكريم. أنا احترم هادي الفئة الكادحة من الناس، أبو الباغا، أبو فئة كادحة، تأكل من عرق جبينه، لا تأخذ حق احد ولا تعتدي على أموال احد. والذي يلفت نظري لهم أكثر حسن تسويقهم لبضائعهم وصبرهم الجميل على كل الصعوبات الذي تواجههم وهم في طريقهم لتحقيق الكفاف والحياة بكرامة.
يلفت نظري مخيط الجزمات بصوت الجرس الذي أصبح يعرفه الأطفال، وحتى أبو الروتي له جرس خاص، أبو الايسكريم كمان جرس خاص وعرض واضح وسريع لكل أنواع الايسكريم داخل الصندوق الثلجي الصغير المركب على ثلاث عجلات فقط...
أبو الخضار يطلق دعاية جميلة بصوت مختلف لكل نوع (ثوم، جرجير، كرات) لكل نوع صوت تاني...كانه موسيقى! قناعه وتقه وحسن توكل وكمان أراده، لان الصبر الذي عندهم مهلوش عند الناس المرتاحه، الناس أصحاب الفلوس، الخايفين على أموالهم من كل شي، من التلف، من دعوة المظلوم، من قرار حكومي يهدم كل الدي بنوه بيوم وليله....
صحيح لما يقول المثل: كل لقمه وله أكل، بس الأكل ده قد يأكله بالحلال وقد يأكله بالحرام للأسف، لكن في نهاية المطاف العداد الإلهي شغال وربنا ما يخفي عليه مثقال دره. بس متى يجي اليوم الدي يعترف فيه المجتمع بدور الناس الكادحة هادوم، ومتى بيكون في جائزة لأفضل عامل، واشرف كادح، وأنقى مواطن صالح بعيد عن العبث والتخريب والإفساد في الأرض؟! متى بيصير عيد العمال للعمال فعلا؟!