30 نوفمبر 1967م يوم غادر آخر جندي بريطاني من عدن.
إنه يوم الاستقلال والانعتاق من الاستعمار، بمعنى آخر أن يوم ال 30 من نوفمبر1967م.. كان المحصلة النهائية لسلسلة من الانتفاضات والحركات والثورات التي هيئت وصنعت لهذا اليوم الأغر.. يوم ينتسب لمئات بل لآلاف من الأيام النضالية والكفاحية التي تراكمت تراكما نضاليا، مثل معه هذا التراكم زادا و رصيدا دائم العطاء لكل جيل، فإذا النتيجة النهائية يوم الاستقلال، التي يمكن أن يختصر وصفها البيت النضالي السائر لأبي الأحرار الزبيري، حيث قال:
يوم من الدهر لم تصنع أشعته
شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا
129 عاما جثم فيه الاستعمار البريطاني على جزء غال من اليمن الطبيعية، ولئن طال الزمن، فلقد طال بموازاته الكفاح ضد المستعمر، وتعززت إرادة المقاومة وتجذرت.
تزدهي الشعوب وتزدهر الأوطان بإرادة أحرارها وأبطالها وعظمائها الذين يبذلون ولا يمنون، ويضحون ولا يتضجرون، ويعطون وقد لا يأخذون.
كلماتهم عزم، وفكرهم نور، وأنفاسهم حرية، وأقوالهم عمل في الميدان.
أولئك من الوطن والوطن منهم؛ لأنهم لا يرون أنفسهم إلا بالوطن، ويقدرون أن الوطن يمكن أن يكون بهم أو بغيرهم ممن لا يغيرون ولا يبدلون.
إن إرادة الأحرار ذات لون واحد لا يتبدل، وليس بمقدور الدرهم أو الدولار أن يحرفه عن الهدف، ولا أن يحوله إلى لون آخر.
وقد تبتلى الأوطان( بذكور) يمتون إلى الرجولة بظاهر من الشكل يفتقر إلى الجوهر، والرجولة مجموعة قيم إيجابية يشترك فيها الذكر والأنثى.
أشباه الرجال الذين تبتلى بهم الأوطان، تدل عليهم مواقفهم، وتكشف حقيقتهم رخاوتهم وتقبلهم للاستحمار أو الاستعمار، ويفضحهم مؤشر البوصلة الوطنية الذي يحذف بأشباه الرجال إلى الوراء، ليجعلهم في دائرة السوء؛ لأنهم ارتضوا بالاستحمار والاستعمار.
إن من يتحكم ببوصلته الدولار وبمواقفه المنصب أو المطامع، و يتحكم بلونه وتلوينه ولي نعمة اتخذه بعيدا عن هوى وطنه ونفس شعبه، هو شخص مستحمر لنفسه فإذا هو عبد لمستعمر قد صار كخاتم بيد سيده، لا يستطيع منه فكاكا، ولا لأوامره الخرقاء رفضا.
الاستقلال ثمرة تحدث وتخاطب الشعب والوطن أن المجد يكتبه الأحرار، وأن النصر يسطره الأبطال، وأن الغد المشرق يصنع بألوان الوطن ولون المواطن، ذلك اللون الذي لا يتحول و لا يتبدل، لأنه لون الشعب والهوية والوطن.
وأما الألوان المستعارة، فهي ألوان تنكرية تذهب وتزول كما يزول الاستعمار.