المراحل الاستثنائية في حياة الشعوب و تاريخ الأمم هي الفرازة الحقيقية للقيادات التاريخية لأن القيادة في الظروف الطبيعة قد يتقنها الكثير ويستطيع أيا كان التعاطي مع مقتضياتها إن امتلك أبجديات الإدارة و أسس القيادة، لكنها في الأوقات الصعبة امتياز حصري للعظماء من احلاس الرجال ودهاة العصر إلا أن السلوك الإنساني الراقي مع الخصوم في ظروف الحرب وعقب الصراعات السياسية والعسكرية الطويلة على السلطة و الحكم هي امتياز حصري لفئة قليلة ونادرة تتربع على قمة هرم المنظومة الأخلاقية والوطنية والإنسانية دون منازع..
الفريق الركن/ علي محسن صالح- نائب رئيس الجمهورية، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة- أحد هؤلاء القلة النادرة نتفق أو نختلف مع الرجل سواء كنا من غلاة محبيه أو عتاة مبغضيه فبقراءة منصفة لتاريخه السياسي والوطني الطويل ومراقبة سلوكه الإنساني الحافل بكرم اليمني الأصيل نجد أنه يملك أكثر من غيرة براءة وطنية عالية الامتياز في التعاطي الإنساني والوطني لا يجيدها ألكثير في الساحة الوطنية والمساحة الزمنية التاريخية الحديثة.
لم تكن صفة التسامح الوطني والسمو الإنساني إلا أحد تجليات تلك الشخصية والتي بسبب هذا السلوك الراقي يتعرض للنقد بين الفينة والأخرى من الأضداد فعند ما تضيق الدنيا في وجه أي طرف سياسي وطني تعرض لنكبة تاريخية وظلم وقتي مفرط من أي طرف نجد أن المظلوم والمضطهد سياسيا أوعسكريا يؤمم وجهته شطر هذا الكريم المحسن وشواهد التاريخ الوطني الحديث لهذا العطاء الإنساني للرجل كثيرة لا تتسع المساحة هنا لسردها، لكن القلم التحليلي والتشخيصي المنصف له أن يقف عند آخر هذه الأحداث المتمثل فيما تعرضت له قيادات وناشطو ومنتسبو المؤتمر الشعبي العام من ظلم وتعسف واجتثاث مادي ومعنوي.
هنا جاء الدور الإنساني و لوطني المسؤول للفريق محسن فاحتضن المتضررين وفتح صدره وفؤاده وقلبه لتلك القيادات لم تؤثر فيه أو تقيد من مسؤوليته الوطنية مواقف بعض تلك القيادات ضده وناصبته العداء دون أسباب وجيهة.
سما على حظوظ النفس وقدم منظومة القيم الوطنية والإنسانية التي يؤمن بها، فضمد جراح الوطن ووجه البوصلة نحو الخيارات الوطنية المتمثلة باستعادة الدولة وعودة الشرعية وبناء المنظومة السياسية الوطنية وإعادة اللحمة الوطنية تجسير روابط السلم الاجتماعي من موقع المسؤولية و القدرة على الفعل.
أن يتعرض هذا السلوك الوطني للنقد والتجريح هو لعمري تطفيف وتصادم واضح وجلي مع مجموعة السلوك الإنساني الذي تجمع عليه كل قيم وأديان السماء وتغنى به فلاسفة الأرض وعشاق القيم.. أي ضير في التسامح الذي هو جوهر الدين وأحد محاور النبوة كيف تكون فضيلة العفو والمعروف وإسداء الخير محل نقد وتجريح إنه سلوك يحتاج إلى إعادة نظر خصوصا من أولئك الذين يظنون أنهم يحسنون صنعاً أو من يملكون نوايا حسنة ويقعون تحت تأثير آلة الدجل وأهواء النفس.
ينبغي أن لا تنسينا أنانيات الأنفس ووسوسة شياطين البشر الانحياز للقيم الأسمى والأرقى في حياة الإنسانية.
حفظ الله اليمن من كل سوء ومكروه