المبادئ معالم الطريق، وضوابط السير، ومنارات الهداية .
من خلالها وفي سبيلها ولتحقيقها يتحرك الأحرار، وهؤلاء الأحرار يتحركون بنكران ذات، وهي صفة لازمة وضرورية في كل حر، و لولا هذه المبادئ و المعالم ونكران الذات في الأحرار ؛ لخاضوا مع الخائضين، وركنوا إلى دكات المتفرجين الذين يضربون أكفهم ببعضها حسدا من عند أنفسهم، وهم يرون أرصدتهم النضالية خالية الوفاض، فيذهبون لتغطية النقص وستر العجز بنشر الأكاذيب والعيوب وإلصاقها بالبرءاء والأحرار .
والعاجز ممن يفتقر إلى معالم الأحرار و مبادئهم لا يجد أمامه إلا أن يهدم مآثر الأحرار، حتى و هو في أشد الحاجة إلى مواقفهم و بطولاتهم، بل إلى جهدهم وجهادهم ، لكن يصل الأمر بالعاجزين أو المفلسين إلى أن يتمنى نصرة العدو ؛ ليجد هذا المفلس مادة للتشفي و وسيلة لهدم صروح الأحرار .
بالتأكيد لا يلتفت الأحرار إلى من ترهلت كروشهم في دكات المتفرجين، كما لا يأبهون لما تسيل به ألسنتهم من كذب و أقلام من افتراءات ، باعتبار أن ما تخفي صدورهم أكبر .
ما يؤلم الأحرار وأصحاب المبادئ أنهم يجدون من فئات أو أطراف تسمع لثرثرة المتفرجين وربما تشجعهم، بل وتدعمهم استثناء من الأحرار، فيمضي الأحرار في طريقهم يتحملون أعباء المهام وتكاليفها مع ما يجدون في أنفسهم تجاه من يدعم المتفرجين على حساب من في الميدان ، يمضي الأحرار و لسان حالهم :
وإذا تكون كريهة أدعى لها
و إذا يحاس الحيس يدعى جندب
الأكثر ألما ومرارة من تقريب المتفرجين و دعمهم، ما يقوم به الإعلام من صناعة بطولات وهمية لخصوم، وتحويلهم إلى أبطال بالباطل وعلى حساب الأحرار و الأبطال الحقيقيين.
ويتم عمدا إسدال الستار على بطولات الأحرار ومواقفهم و تضحياتهم، بل ويتم التقليل من شأنهم إلى حد التشكيك بهم وإنكار أدوارهم، فيما يذهبون إلى تلميع النكرات والمغمورين وربما الخصوم وإبرازهم كقيادات فريدة و أبطال ميامين !
إنها حال تذكر بحكاية امرأة كانت تجلس مع نسوة أخريات ينظرن من بعيد إلى عرس كان فيه رجال يرقصون، و يلوحون بسيوفهم الصقيلة، وجنابيهم المصقولة، و خناجرهم اللامعة، فيأتي مطروق زوج تلك المرأة و ليس معه إلا(عطيف) -و هو عبارة عن نوع من أنواع الفؤوس الصغيرة - فنزل يرقص معهم ملوحا بالعطيف في الهواء بين السيوف، فلم تشأ زوجته أن تجعله محل السخرية و إنما سارعت تستلفت أنظار النساء بالقول : ما شاء الله.. ما شاء الله .. كيف يلمع عطيف حمادي !
طبعا ضاع لمعان السيوف والجنابي والخناجر، و لم يعد يلمع إلا عطيف حمادي !!
يحدث أن يصور الإعلام المضلل البالونة و يقدمها كقنبلة ، لكن الحقيقة أن شوكة صغيرة تحولها إلى لا شيئ ، فالغربال لا يحجب الشمس !!