هاهي عدن تصل للحظة الحرجة في صراع الاضطهاد المدمر للحياة فيها، ليكون الموت وسيلة للضغط السياسي، وسيلة لخلط الأوراق، وسيلة عكرت صفو الحياة والحرية والاستقلال. هذه اللحظة التي حذرنا منها، حذرنا من الإفراط بالحماس الثوري المنفلت الطائش خارج نطاق العقل والمنطق، فرمونا بسهامهم المسمومة من تصنيف واتهام بل وخيانة. اليوم يكاد الجميع يصطلي بنار هذا الانفلات،انفلات أدوات الواقع الغير مؤهلة لبناء الدولة العادلة، أدوات تفتقد الوعي القادر على نهضة الأمة وترتيب الحاضر للولوج للمستقبل المنشود. لأمن دولة في عدن، يحفظ السلم الاجتماعي وأمن المواطن والحقوق العامة والخاصة، أمن هو جزءا من المشكلة، بتعدد ولاءاته وأجنداته، أمن صار اليوم خصم لعدن في كثير من الانتهاكات، أمن يعكس حجم الانقسام المناطقي والأيدلوجي والفجور في الخصومة، بل يؤججها بصلف العقلية الرافضة لتجاوز الماضي والولوج للمستقبل. وشرعية بمؤسسات ضعيفة متهاونة في هذا التمادي،لا تملك القدرة على ضبط إيقاع الحياة والمسار السياسي، شرعية صارت جزءا من المشكلة. عندما تتحول أدوات العمل السياسي والبناء الاجتماعي لمشكلة، تتعثر العملية ويسقط الجميع في وحل الفشل العام بل الانهيار العام، والوصول للحظة الحرجة بأن نكون أو لا نكون. عدن اليوم مقارنة بالمناطق المحررة جنوباً وشمالاً هي الأسوأ حالا، مدينة الموت والصمت المريب والخزي والعار لكل القائمين عليها. إذا كانت الشرعية بكل ما تمتلكه من دعم وإسناد غير قادرة على ضبط المخلين الذين تحت سلطتها أو خارج سلطتها، لم تستطع أن تقدم مجرماً أو منتهكاً مسئولاً أو مواطناً للمحاكمة القضائية، أو تفعل النظام والقانون على الأرض، إذا لم تستطع ضبط من رمى القنبلة على لاجئي الحديدة، فمعلوم للقاصي والداني من اقتحم مخيم اللاجئين في الرباط وانتهك حرمات الناس فيه ونهب كعصابة مارقة ترتدي زي الدولة وشخصيتها الاعتبارية، وهل تعرف شرعيتنا مصير قتلة الشهيد/ جعفر محمد سعد والشهيد/ عبد الرحمن العدني، وغيرهم من الشهداء أئمة وخطباء المساجد ورجال الأمن والشباب الناشط الرافض للواقع وانتهاكاته، لا يمكن للناس مخاطبة غيرها،هي من تتحمل جور ما يحدث،عليها أن تبرئ ذاتها وتفضح الحقائق للناس بشفافية ليحددوا مواقف وطني وإجماع حول قضاياهم المصيرية. قلنا ولازلنا نوكد أن الكراهية والفجور في الخصومة والعنصرية فتن لا تبني وطن بل تدمر. وتتآكل بسببها قوه الناعمة الاجتماعية والسياسية،لتنتعش القوة العنيفة والعصبية والتعصب، وتنتج مزيدا من هدر للدماء وزهق الأرواح وانهيار مجتمع و وطن وعدن مثال حي لكل ذلك. المشهد اليوم أكثر وضوحاً للأجندات، واقع مؤلم وبائس، نار كوت الجميع، هل ستصحو الضمائر، والعقول لتحطم كل قيود الاستبداد وحواجز الماضي التي تعيق التفاهم والتقارب لتعايش في وطن، تعيق القوى النبرة والعقول المتحررة لتتصدر المشهد لإنقاذ ما تبقى من علاقات وروابط وروح الحياة ووطن، لتنبذ العنف والتعصب والعصبية والكراهية والفجور، لنكون أمة كسائر الأمم ، أمة محترمة وطن وأرض وإنسان، لها مكانتها بين الأمم
أحمد ناصر حميدان
اللحظة الحرجة 1280