كلما تصحو الشرعية من سباتها وتبدأ بلملمة شتات جهودها لضبط إيقاع الحياة والأمن في عدن، ونسمع خطاباً وطنياً يعبر عن ألم ما يجري، وإجراءات تطبيب الجروح ومطاردة الخارجين عن القانون والمخلين بالنظام، يزداد النشاط الإجرامي والاغتيالات وتيرة. اليوم بل كل يوم هناك عملية قتل تتم في عدن، تستهدف خصوم المعقين لترسيخ الدولة الاتحادية كشخصية اعتبارية المرسومة بمخرجات الحوار الوطني، اعتقادهم أنها تغلق الطريق أمام مشروعهم الخاص هو استعادة دولتهم التي تسيدهم و تمكنهم من السلطة والثروة، دولة الماضي بملامح غير واضحة وصورة مشوشة، أعمالهم تقول إنها دولة الفكر الواحد والصوت الواحد، ترفض أي فكر مغاير، بعضهم يهيم في حلم الجنوب السلاطيني، والأمراء والمشايخ، وهذا ما يتناقض مع ثقافة الحاضر والديمقراطية والتعددية التي ناضل من أجلها المناضلون واستشهد الكثير منهم، اغتيالات وتصفيات لكوادر الحزب الاشتراكي اليمني إبان الوحدة كان لذات الهدف، مشروع الدولة الضامنة المواطنة والعدالة الاجتماعية وأنها التسلط والتسيد والهيمنة، مناطقية سلاله طائفية. اليوم يعود هؤلاء بشكل آخر وصورة أخرى تحاكي الجنوب واستعادة دولته، والهدف هو ذاته انظر من يدير عصبية هذا المشروع ويحفز حماس الحالمين، هم مجموعة ولاؤها للماضي، ركبت الحاضر لتعيدنا لحضن ذلك الماضي بإضافة بعض بهارات اللعبة لتنطلي على الناس، والمؤشرات واضحة، عاد أنصار الماضي والزعيم وفاسدوه وأبواقه للمشهد وبقوة انتمائهم للمكون، ودعم المخرج والممول للسيناريو، عادوا أكثر مزايدة، مات زعيمهم فاذكروا أن لهم جنوب، في ذروة الثورة كانوا يعتبروننا مخربين ونسير على ركب حزب الإصلاح، نفس الاسطوانة تتكرر اليوم. حزب الإصلاح قد لا نتفق فكريا وثقافيا معه وقد نختلف معه بالقناعات، لكنه حزب سياسي له ماله وعليه ما عليه، وجوده ضرورة إثراء التنوع الفكري والثقافي و العمل السياسي التعددي، فيه من الكوادر المثقفة والعقول النيرة والسياسيين المخضرمين وفيه متعصبون ومتخلفون ومزايدون كغيره من المكونات السياسية بل المرحلة الراهنة برهنت أن هناك من هو أكثر تعصباً وغلواً ومزايدة. اليوم يستهدف أفضل ما في الإصلاح، ويترك السيئون منهم، الاستهداف ليس للإصلاح بل لأخيار وأفضل المعارضين، لتصفية الساحة أمام الفكر الإسلامي الوسطي النير ليس في الإصلاح فقط بل من السلف والسنة والصوفية وغيرهم من الجماعات الإسلامية التي يفترض أن تكون داعم وسند لمعالجة التطرف والغلو والإرهاب، المخرج لا يريد للإرهاب أن ينتهي هو مبرر بقائه واستمراريته وانتهاكات. اليوم يستهدف الدكتور/ عارف أحمد علي، ونجله في سيارة مفخخة في المعلا، أحد تلاميذي المتفوقين والنوابغ، وكثيراً من شاكلته في الإصلاح وهيب هائل وعبد الناصر باحبيب ونضال باحويرث كثيرين جداً ممن تعرفهم عدن ويعرفهم الناس أخلاق وثقافة ووعي ونشاط وحيوية اجتماعية وسياسية ومواقف وطنية تشهد لهم في تاريخهم التوعوي والإنساني والسياسي، لا يملك خصومهم الحجة والدليل الذي يعطيه الحق في إدانتهم، وكانت وسيلتهم التحريض والفتاوى، التي أدت للاغتيالات و التصفيات لكل من يعارض مشروعهم. صبرنا على عفاش حتى انكشفت عورته وانفرط الناس من حوله وها هو في الثلاجة وحيداً ينتظر حساب أرحم الراحمين، وإن الله مع الصابرين، وسيستمر الصبر في تجنب الفتن وحب الوطن، والباطل سريعاً ما تنكشف عورته، وتنفرط الناس من حوله، وهذا ما هو حاصل، ومصيرهم قد لا يختلف عن عفاش، هو مصير كل باغٍ مستبدٍ متسلطٍ، العنف والقتل وسيلته في فرض أمر واقع على الناس تقبله والناس لا ولن تتقبله، ستناضل من أجل حقها في الحياة والكرامة والحرية والعدل والمساواة.. رحم الله شهداءنا الأبرار الشهيد/ جعفر محمد سعد وأئمة وخطباء المساجد.. رجال الأمن والمقاومة وكل مغدور به في هذه الأرض المباركة، والشفاء والتعافي للجرحى والمصابين بينهم الدكتور/ عارف أحمد علي، ونجله أحمد عارف والخزي والعار للقتلة والمجرمين والإرهابيين.
أحمد ناصر حميدان
عدن و سيناريو الاغتيالات 1187