عندما تحتدم المشاكل بين الضّرَّات يدفع الأبناء الثمن! وليس للأبناء من ذنب؛ سوي تحمل نتائج صراع الأمهات اللاتي يتحكم بالعلاقة بينهن روح النكاية، وتصفية الحسابات وبصورة دائمة ومستمرة. تزداد الآثار السلبية والنتائج الكارثية سوء، كلما كانت هذه الضرائر من أسر تمتلك وجاهة اجتماعية، أو قدرة مالية، أو هما معا وهو الأسوأ، حيث تسخّر كل واحدة منهن قدراتها للإضرار بالأخرى أو الأخريات، إذ تحشد وتجند كل واحدة منهن ما تستطيع من أدوات وأعوان وأنصار ووسائل في حرب باردة لا ينطفئ أوارها ولا يخْبو ضِرامها، وفي إطار الأسرة الواحدة. صحيح أنهن - كضرات - يخسرن كثيراً؛ يخسرن خسارة مادية، وراحة نفسية، وصحية، وعلاقات اجتماعية، كما يلحق بهن جميعا تمزقا أسرياً، وعداوات يورّثنها للأبناء، فوق ما يجلبن لهم من شقاء وعناء وتفكك، بل ويجعلن من العائلة كلها محل سخرية وتندر . المستفيد الوحيد - من هذا التنافس بين الضّرَّات - هم أولئك الذين وجدوا أنفسهم محل إغداق دائم وأمام مكافآت مادية ومعنوية مستمرة بمناسبة وبلا مناسبة؛ بغرض أن تكسب هذه الضرة أو تلك مواقف هؤلاء أو أولئك. ومن أجل ذلك لا بد من البذل والسخاء لتحقيق هذا الغرض. مشكلة الضرات أنهن لا يستطعن أن يستوعبن بعضهن، فيذهبن لتسخير جهودهن وطاقاتهن في الصراع البيني، وتبادل الدسائس، وتتبع كل واحدة لعيوب الأخرى؛ بغية توظيف تلك العيوب للتشهير، وتصبح كل واحدة شغلا شاغلا وهمّا دائما للأخرى، ولو أن كل واحدة أخرجت من رأسها هذا الهمّ لأراحت واستراحت، ولنعمت بحياة سعيدة، ولاستفادت من مالها واحتفظت بطاقاتها، وهناك تجارب ناجحة في علاقات متميزة بين الضرات، حتى أنهن حولن تنافسهن إلى تنافس إيجابي ونافع. الأدهى والأمَرّ أنك تجد المثقفة وغير المثقفة عقليتهن سواء بسواء في إدارة وبناء العلاقة، التي يحولنها إلى معركة. لا يذهب بالكم بعيداً، فتظنون أني صاحب تجربة، فقد لا أكون مؤهلاً للحديث في هذا الموضوع، فلست صاحب تجربة، لا علنية ولا سرية ! أمر آخر لا أحب أن يذهب بالكم بعيدا فيه - وهو ما أرجوه منكم وأتمناه - ألا يُسيّس أحد هذه السطور، ودعوها فإنها مأمورة وفق ما أوحت بفكرتها - إن كانت تحمل فكرة - حالة ما رأيتها.
أحمد عبدالملك المقرمي
تنافس الضرات ! 1053