رجل مرور , في تقاطع مزدحم بالسيارات والمارة أمام القعيطي للصرافة في المنصورة عدن , يهاجمه مسلح مدني ببلطجة , ويرمي علية النار في وضح النهار , بتصوير كيمراء احد المحلات التجارية , مشهد مهين للدولة بشخصيتها الاعتبارية يتداول من قبل ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي ,رجل المرور في أثناء تأدية مهامه الأمنية لضبط حركة مرور المركبات والمارة , في عدن اليوم تتطور الجرائم لتجعل من الدولة ضحية الإجرام والانفلات , والعنف المسلح , وانتشار حمل السلاح , للجميع السليم والمعافى والمريض النفسي والمعتوه والبلطجي والمجرم واللص والطفل , حمل السلاح متاح لا قيود ولا محاسبة ولا متابعة , السلاح اليوم يشكل خطرا على الإنسان في عدن , تمادى هذا الخطر ليتحدى الدولة بشخصيتها الاعتبارية رجل الأمن .
لم تكن تلك الحادثة هي الأولى , ذاكرتنا ليست مثقوبة ونتذكر حادثت أهانت رجل المرور في منطقة جولدمور , ويعرف الناس من هم الجناة , ومرت القضية مرور الكرام لا عقاب ولا حساب , اعتذار لرجل المرور علية أن يتقبله , وإلا ....
وبين الحادثتين كم هائل من الجرائم , تحتاج لصفحات كتاب لسردها , اغتصاب , ونهب وخطف للأطفال والنساء واغتيالات , سطوا على الأراضي والمتنفسات والمواقع الأثرية , معظمها تقيد ضد مجهول , في مدينة يتبجح فيها مدير الأمن في الإعلام أنة يكتشف الجريمة قبل وقوعها , وزير للداخلية جعل من الحي الذي يسكنه ثكنة عسكرية , كل هذا يحدث تحت مسئوليتهم , وهم لا يبالون , بل لا يهتمون , في حكومة لا تحاسب ولا تعاقب , تعبنا ونحن ندعوها أن تضع يدها بحزم على مواطن الخلل والتجاوزات , وتتخذ إجراءات , تقيل الفاشلين وتستبدلهم بالقادرين والمهنيين , لكن دون جدوى .
هل يعلم الناس أن معظم أقسام الشرطة ومسئولي الأمن , بل حتى مديري المديريات , سطو على الوظيفة العامة وهم لا يملكون ابسط معايير المهنية لهذه الوظيفة , مؤهلاتهم أنهم مقاومة وأحيانا اللقب والمنطقة تلعب دور في التمكين , وقد لاحظنا حجم الإضافة الغير مبرر للألقاب المناطقية للأسماء , والنتيجة واقعنا المخزي اليوم .
تكرار الحوادث يترك في نفوس الناس دلالات رديئة تتعلق بنظرتهم لمكانة الدولة , واعتقد أن البعض يتعمد أهنت الدولة , لأنه يعيش في أريحية وثراء الفوضى القائمة ,يقتات على انتهاك حقوق الناس وغياب الدولة الحامية لهذه الحقوق , بعضهم خريج سجون والإجرام جزءا من سلوكه , ويمارس هويته تحت مظلة السلطة أو المعارضة , وكريتر تنزف دما من انتهاك حقوق البسطاء فيها , وإجبارهم على ترك وبيع مساكنهم ببخس الأثمان , وتكفير وتحليل دم كل من يعارض المتعصب والمغالي بأفكاره وجشع انتهاكاته من يدعي انه قائد مقاومة , في مدينة تحررت وتبعد عن الجبهات أميال , بسبب هذه العقلية لم تتمكن الدولة من مهامها , وصارت اضعف من أن تحاسب وتعاقب مثل هولا , والكل يعرف من يحميهم.
دولة نحتاجها لتضبط إيقاع حياتنا وترسيخ النظام وتطبيق القانون , قادرين أن نمكنها , لو وعينا مصالحنا , وتجاوزنا عصبيتنا , وخصومتنا الفاجرة , وقلنا دولة نحاول إصلاحها بضغط متزن , خيرا من لا دولة , بل فوضى يتصدر مشهدها الإجرام , والانتهاكات , لنكن نحن فيها الضحايا , وأولهم الدولة المنشودة , لتي لا تأتي بالتمني بل بالعمل الجاد والوعي والإدراك بخطورة واقعنا والعزم والإصرار على تغيره للأفضل .