مبدئيا نرفض الاستعمار بكل أشكاله , مبدءا أحرار اليمن ,الذين حرروا الشمال من الإمامة والجنوب من الاستعمار , من كل ربوع اليمن , والتاريخ مدون بكل أحداثة و وقائعه , من يحاول اليوم العبث بالتاريخ , تشويها للصورة الحقيقية , هم أنفسهم سبب الانتكاسة التي حدث ولازالت خيوطها تنسج في عدن ,انتكاسة القناعات التي تتغير اليوم , قناعات البعض أن الاستعمار الأجنبي , يشكل حاله أفضل من أذنابه المحليين ,انتكاسات توالت , بمقارنة بسيطة عن واقع الحياة , وان الأحلام تجهض , والتغيير يسير معكوسا للأسوأ , انتكاسه غيرت من قناعات البعض .
في عدن عاشوا الناس في أيام الاستعمار في بحبوحة وحرية وعدل ومساواة , مشاكلها بدأت بعد أن تحرروا من الاستعمار , وحكمهم الثوار , واذا بالزمن في مدينتهم يتوقف , وهجرتها العقول والمهارات المهنية , وكل ما ارتبط باقتصاد السوق ونهضة المدينة .
بدأت الصراعات , والاتهامات والتخوين , وأعوان الاستعمار والامبريالية , جردت عدن من الكوادر والمهارات القادرة على مواصلة النهضة والارتقاء , فعجزت عن الحركة والتجديد , واستمرت تستهلك مخزونها الاقتصادي والثقافي فقط ويجرفها الجهل نحو التخلف, وتغزوها العصبية ويتصارع حولها الطامعين لموقعها الاستراتيجي , وتقيدها أيدلوجية الفكر الواحد , وفقدت قيمتها الاقتصادية والمعنوية , وعاشت على الدعم الخارجي في صراع دولي في الحرب الباردة , أنهكتها الايدولوجيا وتناقضاتها مع البيئة المتخلفة التي اجتاحت عدن , وبدأ الصراع الذي أدماها وقتل منها ما قتل ممن تبقى من ذلك الزمان , واستمرت عملية الهجرة للعقول , التي كان لها الفضل في نهضة الجوار ,فإذا بالدول من حولنا تنهض وتتسع لكل تلك العقول بما فيه الشمال في مرحلة انفتاح إقليمي ودولي , ما عدا عدن التي صارت طاردة لأبنائها وكوادرها , في مؤامرة دنيئة لإفساح المجال لنهضة مناطق أخرى لا تستطيع النهضة في تعافي عدن .
استمرار للمؤامرة , وتضييق الخناق على عدن , فضاقت عدن , وضاق أخيارها ذرعا بصلف العقلية التي اجتاحتها والمناطقية التي غزتها , ولا مجال للهجرة , فسلمت على طبق من ذهب لطامعين بها , هربا من الوحوش التي نهشت جسدها الضئيل والمريض والمتهالك سلمت للشمال وقواه التقليدية , وكانت لقمة صائغة لمقاول مضمون للمؤامرة على عدن اقتصاديا وسياسيا , الذي جعل منها مجرد غنيمة للمتاجرة , والبيع والشراء في أراضيها ومتنفساتها وتخصيص مؤسساتها الإرادية , وتحولت لمدينة استثمار النافذين في حدود ضيق , مع حصار مطبق لعدم السماح لها بالمنافسة الحقيقية في المنطقة , كل ما كان يعلن إعلاميا عن منطقة حرة وديمقراطية وحرية هو وهم ومسكنات لتبقى عدن تحت السيطرة .
وبعد الثورة الشعبية التي اجتاحت البلد اتضح أن عدن ليست مشكلتها الشمال ولا الجنوب , عدن مشكلتها هي العقلية المتخلفة والعصبية والمناطقية هي ذاتها في الشمال والجنوب , ما تحتاجه عدن هو التحرر من تلك العقلية , ليفسح المجال لها أن تنهض بمدنية أبنائها وعقليتهم المتحررة من العصبية والقبلية والعشائرية , من الصراعات السلبية , وتراكمات الماضي البائسة , من العنف وعسكرة عدن بعقول لا تعرف معنى العسكرة , بل تجيدا العنف بكل أصنافه وأشكاله وأقذر أساليبه , تجيد قهر وظلم وتعسف الأخر , تجيد إذلال الناس وكراهيتهم , تجيد العنصرية , وتعتقد أن هذه هي الثورة , تريد أن تغلق عدن لتكن ملكها دون غيرها في صراع دموي طويل الأمد , صراع انتقام وتصفية ثارات الماضي العفن .
ولازالت عدن تقاوم , وستقاوم وتنتصر بإرادة ما تبقى من أبنائها الخيرين , حتى الهائمين في ركب العنف , والمسحورين بالشعارات , الواقع كل يوم يصدمهم , ويصحوا منهم الكثير من غفوته , وها هم يعودون لصوابهم في تشكيل كيان عدن المدني , لاستعادة عدن من قوى العنف والصراعات والتخلف والجهل الذي دمرها لسنوات ولازال مصرا على تدميرها , اللهم أحفظ عدن وانصر أهلها على أعدائها , العابثين بها اليوم , ويمارسون الدعارة السياسية القبيحة , ستعود عدن بجمالها ورونقها ومدنيتها وفسيفساؤها وأيقونتها , عدن التعايش والحب والتسامح والإخاء , عدن المركز التجاري الهام والميناء الاستراتيجي المهم لتنافس بقوة في المنطقة .