نريد أن نقف متفائلين تجاه المشاورات التي تنعقد في السويد بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي المتمردة، وتذهب أمانينا جميعا لتبحث عن منطق وموضوعية وبصيص أمل ليسود التفاؤل بدلا من التشاؤم. لكننا مع محاولات تغليب جو التفاؤل تواجه المشاورات دائما عقبتان: تعنت جماعة الحوثي، ومجاراة المبعوث الأممي لهم؛ إذا لم نقل انحيازه إليهم، وإلا ماذا نسمي قيام المبعوث الأممي بشكل مستمر على مراضاة جماعة الحوثي وعدم توجيه أدنى إشارة لتوبيخهم أو لومهم حين ينكثون بوعد أو يتخلفون عن اتفاق؟ وآخر ذلك تخلفهم عن حضور مشاورات جنيف في سبتمبر الماضي، حيث لم يصدر عن المبعوث الأممي أقل إشارة لوم. ومع كل ذلك نريد أن نتفاءل، وهو التفاؤل الذي تعبر عنه السلطة الشرعية دائما من خلال تعاملها الإيجابي مع دعوات الأمم المتحدة. غير أن المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقداه المبعوث الأممي جريفيث ووزيرة الخارجية السويدية؛ ساده دخان أسود من خلال مفردات وعبارات قالها السيد جريفيث، حيث بدأ حديثه متحدثا عن نتائج سيئة عند تباكيه محذرا من الأمراض والمجاعة التي راح يخوّف بها، في حين يتجاهل تماما ذكر المتسبب لكل هذه الأمور التي يخوف بها، فلا يُشْعر الحوثيين بأي موقف - حتى من باب الضغط عليهم - من أنهم سبب كل هذا البلاء الحاصل في اليمن. ثم راح السيد جريفيث يمتدح نفسه على حساب العدل والحقيقة؛ حين قال :" ليست مسألة سهلة أن نأتي بطرفي الحرب ويجلسون أمام بعضهم البعض"! فهو يمتدح نفسه أنه قد قام بعمل ليس سهلا( أن نأتي بطرفي)، لكنه كان مدحا على حساب العدل والحقيقة، فليس عدلا أن يسمي الشرعي واللا شرعي( بطرفين) فهذا ظلم للشرعية أن جعلها في مستوى واحد مع المتمردين، وسوّى بين الضحية والجلاد، وهذا في حد ذاته محاباة وانحياز. والصورة الأشد وضوحا في الانحياز الذي يفقد معها المبعوث الأممي حصافته حين جعل نفسه حوثيا أكثر من الحوثيين وهو يقول سنتحدث عن مطار صنعاء وسننظر في موضوع الحديدة ! وهذان الموضوعان في غاية الأهمية لعصابة التمرد، ويوم يقول : الحديدة، هو يقصد الميناء فقط، وهو ما أكده بعد لحظات عندما قال: أن لديه مقترحات بشأن الميناء والمطار، طيب كنت غلفها بديكور، ولو من باب المزايدة، فتشير الى تعز وطول أمد حصارها، وعن الألغام التي تزرعها عصابة الحوثي في كثير من مدن ومحافظات الجمهورية وما تسببه من عاهات، حتى يشعر اليمنيون أنك تمتلك شيئًا من الإنصاف وأنك غير منحاز. قال نريد نرى الطرفين سواء ! أنجعل اللاشرعية كالشرعية !؟ ولمز سيادته بمعنى خفي القرار 2216 بأنه ( لا زال صالحا ) !! مما يعني أن هناك محاولات خبيثة ونوايا مبيتة ضد المرجعيات الثلاث. يتحدث جريفيث عن مجموعتين: مجموعة نسائية استشارية، ومجموعة مميزة صغيرة من الخبراء، وأغفل تماما الحديث عن المرجعيات، وربما يظن السيد جريفيث أنه يستطيع أن يمرر بعض القضايا من خلال المجموعتين اللتين أشار إليهما، وأجزم بأن المجموعتين ستكونان اكثر تمسكا بالمرجعيات الثلاث وأكثر تماسكا نحو استعادة الدولة وإنهاء التمرد، إلا إذا كان قد اختارهما بانحياز، أو بتشاور مع عصابة الحوثي ! الظريف أن السيد مارتن جريفيث ختم حديثه بنكتة مضحكة حين قال :" لا نتفق مع من يقول: الأمم المتحدة تحاول إيقاف الحرب في الحديدة لإنقاذ الحوثيين ". علق بعضهم على هذا قائلا: يكاد المريب أن يقول خذوني!!
أحمد عبدالملك المقرمي
دخان وخفايا في السويد 925