دولة ووطن وشعب طبيعي على الارض هل تدري أيش الذي يدور؟ وما تدري الشعب هذا أيش يشتي؟ يثور ويقدم التضحيات من أجل حلمه الأزلي، الدولة الضامنة له بحياة كريمة ومواطنة وحرية وعدالة، وعندما تتاح له الفرصة المثلى للوصول لهذا الحلم، يفوتها ويستمع لصدى المشككين، ممن حكموه دهراً وسقوه ظلماً وأذاقوه قهراً.. ينسى بسرعة، ويصدق أسرع، كمسحور مسه شيطان يتحكم باختياراته وقراراته، فلا يصحو إلى وهو غارق في وحل من الخذلان. منذ الثورات الوطنية والتحررية، سبتمبر وأكتوبر، اللتين خلصاه من الإمامة والاستعمار، من الجهل والتخلف والمرض، والخنوع والاستسلام والذل والهوان، ليبدأ بتأسيس الدولة الوطنية، ليتولى الأخيار إدارتها، يوسوس له الشياطين، بالشك والريبة والتوجس، مما يجعله ضحية القبول بتولي أسوأ القوم له، ويبدأ مرحلة شاقة من الضياع والانكسار، ويبدأ يشعر بألم هذا الاختيار السيئ، فيصرخ وجعا وخذلان، حتى تقترب الفرصة المثالية لإزاحة ستار ماسية، لتنفتح أمامه أفق جديد لحياة افضل، ويدخل مرة اخرى في غياهب الشيطان الرجيم، الذي يشطن له تحالفاته الثورية، ليفكك قوته في الانتصار لحلمه، فيضعف ويستسلم من جديد ليكن ضحية، ويندم حيث لم يعد ينفع الندم، تكون قد تمكنت منه شياطين الأنس التي تلاحقه في كل منعطفات ثوراته التغييرية وتقطع علية طريق التغيير الحقيقي لدولة وطنية. شياطين يعرفون جيداً مربط العقد التي تعيق تقدم ونهضة الأمة، ويعرفون جيداً كيف يخاطبون هذا الجمع الغاضب، وكيف يمتصون غضبه، يقدمون أنفسهم حلاً ومنقذاً في لحظة حرجة، منقذ شيطنة بعضنا البعض، ويلدغون من الجحر أكثر من مرة، لدغه تضعف، صار البعض مولعا بها، حيث تتوالى صراخات الألم على التوالي، صرخات ولع العبد لسيده السلطان الجائر . بذلك تربع عفاش وحكم 33 عاما، واستطاع أن يسلم الحكم لمن هم أسوأ منه الحوثي الكهنوت، وبذلك خذل الجنوب من التحرر وتسلط عليه عصابات، ومليشيا تديرها أطماع وأنانية وجشع، ينهبون ويبسطون ويستبيحون ويعتقلون ويقتلون، وهناك من هو راضٍ بذلك، ومتوهم أنه يتحرر، ولن يتحرر الجنوب ولا الشمال وهناك من يتقن مربط العقد. عقد تفرق الأمة وتشتت أوصالها، وتضعف قوتها، وأهمها قتل الهوية، الهوية هي الرابط القوي الذي يوحد الناس حوله، الهوية هي التي تجمع الناس في جغرافيا واحدة، ولا يمكن أن يتم ذلك دون استثمار لشريحة المثقفين والسياسيين، ومنهم أصحاب المصالح والنفوس الضعيفة والأنانية، ضرب الهوية في مقتل، هو إتاحة المجال للهويات الصغيرة لتطفوا على السطح، طائفية سلالية مناطقية عرقية إثنية، بل يذهب البعض للبحث عن هوية بمزاجه السياسي والثقافي العقيم، وبالتالي احدث شروخ وطنية عميقة في الوسط الاجتماعي حول الهوية، على مستوى اليمن، وامتدت هذه الشروخ للجنوب ذاته، دون الهوية على ماذا نتوحد على الجغرافيا، منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض وهو في خلاف على الجغرافيا، خلاف المراعي ومجار السيول وثروات باطن الأرض، الهوية هي التي وحدة الأمة, وعندما تسقط الهوية تتعمق الخلافات وتتوسع الشروخ الاجتماعية والسياسية. تلك الشياطين لا قيمة لها دون غطاء من المثقفين والسياسيين دخلاء على الثقافة والسياسة، حملة المباخر ومروجي العفن، اللوم ينصبّ على البسطاء، والمجتمع الموصوف بالتخلف والخنوع، والحقيقية أن تلك النخب هم الأكثر تخلفا وخنوعا وانتهازية، هم اليوم أدوات بيد قوى العنف والفساد والتسلط والهيمنة، هم الداعمون للهويات الصغيرة طائفية ومناطقية وإثنية، تشرعن وتغذي للإحتراب، ثم تنتهز واضع هذا الاحتراب، لتقتات منه، لتروج هنا وتدافع هناك، بل تكيف مكوناتها وتركيبتها وفق مزاج تلك القوى، هي اليوم تمارس خبث استلاب الهوية من الامة، وتزوير التاريخ، وإيجاد المبررات لكل ذلك، وتبدأ مرحلة تغرير للشباب وصناعة واعي مشوه، وهوية بديلة، ومجتمع مقسم متناحر، ووطن منهار، وتبدا مرحلة التباكي والتشكي من الحكومات والمعارضة، والحقيقة انهم هم أساس المشكلة، عاجزون عن توفير ثقافة وسياسة تعزز الهوية وتجمع الناس حول مشروع دولة ووطن وشعب طبيعي على الارض.
أحمد ناصر حميدان
دولة ووطن وشعب طبيعي على الارض 1338