للكهنوت الحوثي خلفية ثقافية وفكرية متخلفة وبائسة، هذا إذا سلمنا جدلا أنه ما يزال يستند إلى ثقافة أسلافه من الحكم المتوكلي والإمامي البائد؛ فكيف إذا علمنا أنه قد انسلخ منها ومنهم، كما انسلخ الهادي الرسي عن مذهب زيد بن علي بن الحسين!؟ الكهنوتية الحوثية اليوم قد ارتمت كلية في أحضان الإمامة الاثنا عشرية التي لم تعد غير عنوان خادع وكاذب تتوسل به لاستعادة إمبراطورية الأكاسرة، والتي من خلالها يمضي الأكاسرة الجدد يتلفعون زورا بالنسب الشريف، ويضيفون إليه من التزوير ما يعيد الأفضلية في الانتساب للأكاسرة من أباطرة الفرس الغابرين، فهذا محمد باقر المجلسي (ت 1111هجرية والذي يعتبره الشيعة من أكبر علمائهم، يزعم في كتابه: بحار الأنوار ج/3 ص/ 163- 164 أن يزدجرد بن شهريار وقف أمام الإيوان حين بلغه انتصار المسلمين في القادسية فقال وهو يلقي النظرة الأخيرة للإيوان الذي هو مقر ملكه: "السلام عليك أيها الإيوان، ها أنا منصرف عنك وراجع إليك أنا أو أحد من ولدي، لم يدن زمانه ولا آن أوانه"!! يرمي هذا الشيعي المجلسي من وراء هذا الزعم إلى الانتقاص الواضح من الفتح الإسلامي، وإلى إعطاء شيء من القداسة لكسرى يزدجرد وأنه يعلم الغيب، كما يسعى لترسيخ الأكاذيب التي ابتدعوها واستهدفوا بها عبر الزمن إقناع العامة وجذبها إليهم؛ فغدت مع الزمن مقنعة حتى لغير العوام! وكل تلك الأباطيل لخدمة استعادة دولة الأكاسرة. ما قصده المجلسي في الأكذوبة التي ضمنها كتابه هو أنه اتكأ على زواج الحسين بن علي-رضي الله عنهما- بابنة يزدجرد؛ التي أنجبت له علي بن الحسين، وحصرت الشيعة الإمامة في بنيه، رغم تبرؤ علي هذا وابنه محمد بن علي الملقب الباقر، وكذا جعفر الصادق الذي هو ابن الباقر... كلهم تبرأ من دعاوى وأباطيل الشيعة، منذ البداية. لم يفكر العامة - منهم - بالطبع كيف تأتى للملك الوثني معرفة الغيب؟ وأن ابنته ستتزوج برجل يكون أبناؤه من ولده وأنه سيعود إلى الإيوان الكسروي!؟ مقولة يزدجرد - كما تلاحظ أيها القارئ الحصيف - مختلقة من الأساس وأنه تم تلفيقها بعد قرون وذلك من خلال معرفتهم التاريخية بزواج الحسين بابنة ملكهم يزدجرد، فراحوا يلفقون ذلك القول لإعطاء الصفة الدينية وإضفاء القداسة للملك الفارسي الذي حدد أن واحداً من ولده سينتصر لهم ولو بعد حين، كما أرادوا بذلك الزعم المفتري إضفاء القداسة للعرق الفارسي الذي أصبحوا يفرقون به اليوم بين ما يسمونه السيد من أصل فارسي وهو الدرجة الأولى، وبين السيد من أصل عربي وهو درجة ثانية!! هذه السطور لم تكن في الأصل لما راح إليه هذا الاستطراد، والذي نعتقد أنه لا يخل بالموضوع، لكن ما أراده عنوان المقال هو أن على اليمنيين أن يصطفوا جميعا، وأن يعملوا كفريق واحد حتى إسقاط مشروع الكهنوتية الحوثية. إن أسلاف الحوثية عبر ألف سنة في تاريخ اليمن لم يسطروا غير الفتن والدمار وبث الفوضى، وفوق ذلك نشر الجهل وزرع الثارات، وليس لهم تاريخ غير هذا. لا أقول أنهم حكموا ألف عام، فذلك كذب محض، وإنما أقول طيلة الألف سنة كانوا أشبه بعصابات تظهر بفتن وخراب، فيتصدى لهم اليمنيون فيعودون إلى جحورهم سنين عدداً منتظرين فرصة لفتنة جديدة يمارسون فيها ما أدمنوا عليه من ظلم وخراب. وبالتالي فإن على اليمنيين - اليوم - أن يقوموا هم أيضا بأدوار أسلافهم في التصدي للكهنوتية الحوثية ووأد مشروعها الظلامي الذي لا يرى مكانا لليمنيين، وإنما يريدهم عبيدا طائعين، ورعية مستكينين. من العار على اليمنيين اليوم بمختلف أطيافهم في إطار الصف الجمهوري أن ينشغلوا بأي قضايا أخرى غير واجب إسقاط المشروع الظلامي للكهنوتية الحوثية، ومن السذاجة أن ينجر أيا منهم لأهداف ذاتية، أو الذهاب إلى معارك جانبية ، وإنما الواجب اليوم مواجهة العدو الوحيد وهو المشروع الظلامي للكهنوتية الحوثية، وأن تتوجه لهذا الهدف كل الطاقات. إن الكهنوتية الحوثية كما جنت على اليمن أرضا وإنسانا؛ كذلك جنت على الهاشميين الاحرار ممن قاوم ويقاوم افتراءات الحوثي ولا يرضى بهذا الزيف والدجل والظلم والخراب الذي تمارسه الكهنوتية الحوثية.
أحمد عبدالملك المقرمي
ليس أمام اليمنيين إلا إسقاط الكهنوت 964