كذبة أبريل, مزحة نمارسها في كل أول يوم من أبريل (نيسان) من كل عام, مزحة كان يعد لها البعض العدة منذ اشهر, بابتكار الكذبة بحيلة وخدعة تنطلي على الزملاء في العمل والدراسة أو الأسرة, يتفاخر إذا استطاع أن يمررها عليهم حتى نهاية الدوام في منتصف النهار ليصارحهم بأنها مجرد كذبة, على الرغم من أن الجميع يحتفل بهذا التقليد في كافة أنحاء العالم، إلا أن الغالبية لا تعرف متى بدأ الاحتفال بيوم كذبة أبريل. في زمن الصدق كثقافة وسلوك وحياة, كذبة بيضاء للمزاح لا تضر بل تزيد الحياة بهجة عندما يعرف الجميع أنها مجرد كذبة استطاع مبدعها أن يتفنن في إنتاجها, ويضحك على كل من صدقها, خاصة إذا اختار كذبة لا علاقة لها بجرح مشاعر الآخرين وإهانتهم والحط من مكانتهم, أو الاستهتار بهم والتقليل من شأنهم, أو الازدراء, أو تجاوز حدود الأخلاق والعلاقات العامة والشرع والعقيدة. لكن اليوم لم يعد لكذبة أبريل طعم, ولا تأثير بين الناس, فحياتهم كلها كذب ونفاق, أضحى فيها الصدق سلعة نادرة, نحتاج ليوم في السنة أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين, نكون صادقين مع الوطن وقضايانا المصيرية, نكون صادقين في تعاملنا وتداولنا, في أعمالنا ومسؤولياتنا, كأفراد ومكونات وأحزاب. في هذا الزمن امتهن البعض الكذب والنفاق كلقمة عيش تذر له المال, على حساب وطن وأمة, اليوم نكذب على بعض صغيرنا وكبيرنا, ليس للمزاح بل من خذلان وغياب الوزع الديني والأخلاقي، فما أسهل أن تقول كلمة ترمي بها كذباً فتنجو أو تقضي مصلحتك, أو ترضي من يدفع لك. قل الصادقون وكثر الكاذبون, والمرجون لصور وأكاذيب وأوهام, مستثمرين غياب الوعي وتسيد الجهل والتعصب للمنطقة والطائفة والايدلوجيا, ويمارسون هوايتهم في الكذب يقدمون أنفسهم كأدوات مطيعة لأطراف الصراع والحرب. صار الكذب اليوم والنفاق لا يحتمل, يكذب الرديء من الناس على أشرفهم, وهل يحتمل الكذب على الشهداء والجرحى والمناضلين في الجبهات, هل يحتمل الكذب على المواطن المغلوب والمنهوب والمهان والضائع والمريض, صار الكذب بضاعتهم في الترويج للمشروع السياسي. كم كذبة أصابت الناس بمقتل, عندما يكذب المسؤول على المواطن, وعندما يكذب الحاكم على المحكومين, كم كذبة أصابت هدفها القاتل في نفوس وروح المواطن الباحث عن الحق والعدل, عندما قيل انه لا وجود لسجون سرية, والأمهات وذوي الضحايا يقفون يوميا تحت أشعة الشمس يطالبون بمعرفة مصير أبنائهم, كم مرة وعدت الحكومة والسلطة الموظفين بهيكل أجور ومستحقات منصف وعادل, وعود كاذبة. المعلمون والمعاناة والظلم القائم الذي يستهدفهم, الشمعة التي تضئ العقول, ظلم يرسخ ظلام للحياة والعقول, وتعينات 2011م, المتقاعدون الذين أكملوا الأجلين, ولهم سنين دون إعطائهم حقوقهم وإحالتهم للتقاعد, ورفع الإضراب لمصلحة الطلاب, والوعود الكاذبة التي صدمت المعلمين ولم يحقق منها شيء يذكر دون مراعاة القائمين على المصالح العامة. في أكثر من مرفق هناك ظلم قائم لمتقاعدين, استقطاعات للضريبة العامة دون وجه حق لكم سنة, في شركة اليمنية عدد من المتقاعدين المعلقين استقطعت كل علاواتهم المهنية والصحية, والإبقاء على خصم الضريبة, وصلت الخصومات لأكثر من نصف الراتب وحقوقهم ضائعة, والكثير من الظلم والظلام, والكذب والنفاق, والفساد المستشري بين مؤسسات السلطة والمعارضة معاً يلتهم خيرات البلد وإيرادات المناطق والمؤسسات, ومحاربة الفساد كذبة كبيرة, كمحاربة الإرهاب لإرهاب الخصم وكسر إرادته. المتقاعدون والرواتب التي لا تفي ضرورة الحياة والمعيشة, والوعود الكاذبة. باختصار نحن نعيش كذبة كبيرة اسمها دولة، لم نطلها بعد ونظام وقانون مفقود, ومجموعة من اللصوص يعبثون بحياتنا بالكذب والنفاق والترويج لوهم, فلا نحتاج لكذبة أبريل لكي نمرح, بل ليوم في العام نكون صادقين مع انفسنا.
أحمد ناصر حميدان
لم يعد للكذب أبريل 1193