ما أشبه الليلة بالبارحة، (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، كم ضاع من عمرنا في مواجهة عفاش، وهو يلعب بالبيضة والحجر مع القوى السياسية في لعبة غبية، يقدّم نفسه فيها الشاطر حسن وهو يستغبي كل من حوله، حتى وقع ضحية صلفه وغبائه وشر أعماله. عندما كان يدعو القوى السياسية للحوار، على طاولة هو يتحكم بها ويرعاها، يحاورهم تحت مظلته وزعامته ورعايته وبنفس صلف المنتصر، يحاورهم كمهزومين، حوار لا نتيجة له غير تراكمات وتأجيج للقضايا وتفخيخ للوطن، والنهاية والوخيمة، التي نحن اليوم فيها. هو العنف- الذي يجعل من صاحبه عقلاً صلفاً، ونفساً خبيثة، وروحاً أنانية، ويصاب بجنون البقر، وها نحن نرى ذات العقلية، الضحية التي إذا تمكنت كشرت أنيابها، وإذا تسلطت طغت، وترفض حق الآخر، والديمقراطية كخيار، وبتفكير شمولي، يتحول من مكافح للديكتاتورية، لجنرال دكتاتوري وأصولي، ويتوهم أن بالعنف سيخضع الناس، ويثقل كاهلهم بعفنه، فيصطدمون بصناديد شرفاء لا تغريهم سلطة ولا مال، مواقفهم قضيتهم والوطن. من يديرون حوار اليوم هم رجال عفاش وبنفس سلوكه وثقافته، الفرق أنهم يواجهون شعباً قد شب عن الطوق، وجرّب كل هذه الأساليب وأنكوا بها، ولم تعد تنطلي عليه، كان عفاش أكبر تجربة خداع في تاريخ الأمة اليمنية، لن يسمح الشرفاء تكرارها، فهل يتعظوا؟. عندما يشتد بهم الغباء، ويجدوا أنفسهم في مواجهة حقيقية، لشعب تواقٍ للحرية والديمقراطية كخيار، لم تعد تنطلي عليه المواكب والشعارات والوعود الكاذبة، والمليشيا وثكناتها العسكرية التي لا تهتم للجبهات، موجودة فقط في المدينة لرعاية العبث وصناعة الصنم وحماية صلفه وديكتاتورية. هي نفس الأساليب للترهيب والترغيب، الاتهام والشيطنة، ثم الاغتيالات والانتهاكات والسجون، واستمراراً لعملية تصفية الرأي الآخر والصوت الآخر، يبدأ مسلسل لتصفية الخصوم لأشرف وأنبل مناضلي الحراك الجنوبي، ونعيد تكرار السؤال من المستفيد من هذه الاغتيالات؟! هو نفس المستفيد من اغتيال أئمة المساجد ورجال الدين المعتدلين والوسطيين والتربويين والواعظين، ورجال المقاومة الصناديد الرافضين للخنوع والاستسلام لغير الوطن والقضية الوطنية. سينتصر الوطن على كل واهم بالتسلط وأنه وريث ديكتاتوري صلف للنظام السابق، سينتصر بالشرفاء والمناضلين الذي لن يحيدوا عن الديمقراطية كخيار والدولة الوطنية ذات السيادة والإرادة كمصير، وستسقط كل أدوات وأجندات الطامعين بوطن وممارساتهم العفنة وأذنابهم الوسخة.
أحمد ناصر حميدان
العنف إفراز لصلف العقلية 1125