يأتي العيد التاسع والعشرين للوحدة اليمنية، وسط العديد من التداعيات الداخلية والخارجية، التي أضحت تشكّل تهديداً وجودياً للوحدة الحالية، حيث أصبحت الوحدة عنواناً بلا مضمون، كما ساهم فساد الحاكم، وعمالة النخب، في تفريغ معني الوحدة من مقاصدها، وحولتها من فاعل سياسي، وحضاري عقد عليها الشعب آمالاً كبيرة؛ في النهوض باليمن، والخروج من المأزق العربي في التوحد، وأصبحت- للأسف- شماعة للخلاف والاقتتال والفساد المالي والسياسي، ونموذجاً سيئاً للفعل السياسي الجماعي، أصبح المثير من اليمنين يتمنون انفصالاً، يقوي حبال الود الاجتماعي، ويساهم في جوار حسن، ويحفظ طاقاتهم لبناء الأوطان. عندما تصبح الوحدة بلا مشروع حضاري وسياسي، تفجّر الأحقاد والضغائن، ويستخدمها الحاكم أداة تشغلنا عن بناء الأوطان وتحقيق التنمية.. الوحدة لا تعني الاندماج القسري بقدر ماتعني وحدة الموقف وقوة المؤسسات الراعية لهذا الموقف.. في أوربا نموذج للوحدة التكاملية ومشروع الأقاليم الاتحادية نموذج قابل للعيش يمنح الجميع فرصاً متساوية للمشاركة الفاعلة في بناء اليمن والمساهمة في القرار. من حق كل شخص يطالب بحق تقرير المصير، حق نابع من قناعات وطنية؛ ومبني على حيثيات واقعية، على أرضية دستورية يتفق عليها كل اليمنيين، وهذا لن يأتي إلا بعد دحر الانقلاب وتفعيل مخرجات الحوار وإقرار دستور الدولة الاتحادية.. أما الآن فالوضع القانوني يؤكد أن الجمهورية اليمنية ذات نظام سياسي مركزي وفقاً للدستور الحالي. - تكشف الأيام أن الإرادة السياسية لدى الحكومة الشرعية والنخب السياسية والحزبية صفرية، وكل إقليم يحدد مساره بعيداً عن الإجماع الوطني لإحساسه بغياب الدولة والضرورة الملحة لإدارة مواردة وتلبية احتياجات ساكنيه المعيشية.. -الوحدة ليست قدراً والانفصال بأي شكل من الأشكال ليس كفراً، ومن حق اليمنيين أن يقرروا مستقبلهم وفق أرضية دستورية واضحة تحفظ الود وتحدد الفضاءات..
توفيق ألحميدي
في عيد الوحدة التاسع والعشرين 804