إذا وصلت الأزمة بين إيران وأميركا إلى أن تكون الحرب حتمية وليس بالإمكان تجنبها، ستفقد كل التهديدات الإيرانية التي تقاس الآن قبل الحرب، ستفقد وزنها النوعي في الساعات الأولى.. أكيد أن إيران ليست العراق، ووضعها وإمكانياتها وقدراتها وأوراقها مختلفة عنه بما لا يقارن.. وأكيد أن مسار أميركا في السنوات الماضية وحتى الآن، لا يأخذ الحرب مع إيران على محمل الجد، ولا يوجد أي تمهيد لها لا إعلامي ولا سياسي، يوازي ما يطفو على السطح من تسارع. كل ذلك صحيح ولكن، ولأهمية إيران النسبية هذه، فإن أميركا إذا وجدت نفسها قد فقدت كل طرق التهرب من المواجهة العسكرية المباشرة والاكتفاء بالحصار الاقتصادي، ووجدت نفسها متورطة في حرب مباشرة مع إيران، فسوف تدخلها بكل ثقلها، وبشكل ربما تصبح معه حربها في العراق وأفغانستان مجرد تدريبات عادية صحيح أن خفة ترامب وتردده توحي بانطباع مختلف، حتى أنه بدى مثل "علي حيروا" الفتوة التاريخي في عدن الذي كانت صيحته لزوجته تكفيه لبث الرعب في خصومه: " هاتي الباكورة المحناية با وريهم"، لكنها أميركا القوة العظمى في عالم اليوم، حتى أنها أظهرت أنها قادرة على استخدام "خفة ترامب" بطريقة مكنتها من إنعاش اقتصادها، وهو الأمر الذي لم يتم مع الرؤساء "الثقال" و"الجادين جداً" باراك أوباما وبوش الابن. كل قدرات إيران على المناورة تقوم على افتراض أن أميركا ليست من مصلحتها دخول حرب الآن معها، وهو افتراض صحيح إلى حد كبير.. غير أن هذه النقطة المهمة التي تتأسس عليها المناورة الإيرانية وتقيد أميركا، سوف تنقلب إلى نقطة محفزة تؤدي إلى مفعول عكسي في اندفاع أميركا، إذا انقطع حبل الشّد النفسي وطويت صفحة الأزمة وفتحت بدلاً عنها صفحة الحرب المباشرة والتي ربما ستكون، إذا قدر لها أن تقوم وتذهب إلى مداها الأقصى، أكبر حرب يشهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية ملاحظة " نتحدث عن احتمالات الحرب بين أميركا وإيران، أما السعودية فقد فقدت مكانتها ووزنها كله حتى قبل أن تدخل حرباً مباشرة مع إيران، وهي حرب لا مجال للحديث عنها من دون أن تحضر أميركا كطرف مباشر، حضور لن يكون للسعودية القدرة على البقاء من دونه إذا اندلعت الحرب ووجدت نفسها جزءا منها "..
مصطفى راجح
حتمية الحرب بين أميركا وإيران 996