تركتم أمكم مأرب، وهي في أشد حاجتها إليكم!! ولم تكتفوا بخذلانها، بل وقفتم مع الحوثي وهو يزحف نحوها ليسحق كرامتها، ويدنّس عرضها!! لولا أن الله لطف، ثم جماجم بقية أولادها البررة التي كسرت زحفه وصدت جموعه. ولأن عقوبة العقوق مستعجلة، فقد شاء الله أن يهينكم، ويشردكم على يد من وقفتم معه ضد أمكم، ففررتم تائهين، تمشون على وجوهكم، في الشعاب، والقفار، لم تجدوا صدراً يضمكم، ولا قلباً يسعكم، ولا حضناً يحتويكم، إلا صدر أمكم الموجوع منكم، وقلبها المفجوع عليكم، وحضنها الذي لا يضيق بكم. ويا للمصيبة! بدل أن تأتوا إلى أمكم (مأرب) تلثمون أقدامها، وتعتذرون بين يديها، وتُكَفِرُونَ عما مضى من عقوقكم لها، أتيتم تُحاربونها، وتُحرضون على أولادها، من إخوانكم الأوفياء، الذين وقفوا إلى جوار أمهم، وحافظوا على شرفها، وصانوا كرامتها، ونثروا دمهم دفاعاً عن عرضها. تريدون أن تُخرجونهم من بيتهم!! وتكافئونهم على حماية أمكم، بإهانتهم وسحقهم!! وبمن؟! وعلى يد من؟! بعدو أمكم الأول!! وعلى يد من وقفتم معه بالأمس ضد أهلكم!! الذي استغنى عنكم، وعن خدماتكم، وطردكم، وأذلكم حتى عرفتم قيمة أمكم، وإخوانكم. يا للعقوق المتكرر!! أوجعتم قلب أمكم مرة أخرى!! بغيتم على إخوانكم مرة أخرى!! رجعتم إلى مناصرة من أذلكم مرة أخرى!! أما كان يكفيكم الموقف الأول؟! كيف تعودون إلى الانحطاط مرة أخرى؟!! ياللعار... ياللعار!! لا بتعاليم الدين عملتم! ولا لعادات القبيلة وأسلافها حفظتم! ولا للقرابة والرحم وصلتم! ولا لحق العيش والملح رعيتم.. ولا لمقام الآباء الكبار وتاريخهم العظيم صُنْتُم! لا وقفتم مع القريب ضد البعيد! ولا مع الأخ ضد الغريب! ولا مع الصديق ضد العدو ولا مع الحق ضد الباطل. آه.. يا بعض المواقف المخزية، يتمنى الإنسان الشهم أنه مات قبل أن يسمع بها، وأن قبره ضمه قبل أن يعرف بعض البشر وأفعالها. فيا موت زُر إنَّ الحياة كريهة ويا نفس جدي إن دهرك هازل
محمد عيضة شبيبة
مارب والعقوق.. 1047