ما نحن فيه من مخاض عسير لوطن هو أمل ميلاد دولة النظام والقانون، التي تواجه القوى التقليدية التي تحمل في جلبابها مشاريعها الخاصة، وتستقوي بالعنف لفرض تلك المشاريع، وكل يجد مبرراته في هذا الاستقواء على الآخرين، فوجدت القوى المتعصبة والمغالية في توجهاتها وأفكارها، مذهبية كانت أو مناطقية ،البيئة الصالحة لتمارس عنفها ضد الآخر تحت غطاء وطني ومظالم وحقوق، ونحن في بلد مثخن بالتراكمات، يمكن للمنقب في قماماته أن يجد مبرراته الملبية لمشروعه، ويمكن أيضاً أن يجد مناصرين ممن أنهكهم ذلك الماضي، ويبحثون عن منقذ، إنهاكهم وجور إصابتهم جعلت من السهل تغريرهم وسحرهم بالشعارات والوعد بالمستقبل الذي ينشدونه، كالغريق الباحث عن قشه، ولزوم السيناريو أن يتم تصور شيطان لمعركة شيطانية هم وقودها وضحاياها، معركة تديرها دوائر استخبارية واعداً الأمة العربية والإسلامية، التي تجد المجال لأمامها متاحاً للتدخل والحصول على نصيب الأسد لتشبع أطماعها، وينهار وطن. لم يفاجئني تسريبات النيابة العامة في عدن ومخطط الاغتيالات، مقالات عدة أشارت لذلك، وكل متابع ومهتم بالوطن بتفكير منطقي وعلمي يعرف تلك الحقيقة، لأن الفاعلين على الأرض، خطابهم وتغريدهم ومنشوراتهم وإعلامهم ومقالاتهم تحتوي الحقيقة بكل تفاصيلها، منذ عملية اغتيال الشهيد الإدريسي والشهيد المحافظ جعفر محمد سعد، وبذات عملية الاغتيالات تأخذ منحى أيدلوجي وعلى نغمة محاربة الإرهاب الممزوجة بالخصومة الايدلوجية، ومع الخطاب الإرهابي العنيف ضد الآخر والاجتثاث وفتوى شارع مدرم، عرف المجرم، ولكن حينها الناس مسحورون بالعصبية القاتلة التي جعلتهم لا يرون بوضوح، وها هي اليوم تتكشف الحقائق بوضوح تام ورواية قانونية ودلائل وبراهين، فهل يحتاجون أكثر من ذلك لرؤية الحقيقة.. فلا نستغرب من بعض المصدومين من الحقيقة سيكابرون برفضها حتى لا يعترفوا بالخدعة التي منوا بها. كل ما حدث لا علاقة له بالقضية، ومن العار أن نسمح من يربط المجرمين بالجنوب كقضية عادلة، الجنوب أكبر من هؤلاء الحثالة، هؤلاء مجرمون ومتهمون أمام النيابة والنظام والقانون والناس، ونحتاج لمجتمع حر وحي يطالب بالقبض عليهم وتقديمة للقضاء بتهم عدة أحدها القتل بعمد وإصرار خارج إطار القانون، وكل ذوي الضحايا ومن أصابه الضرر في هذه الفترة التي وجدوا فيها هؤلاء يعبثون وينتهكون.. ولا يسع هنا ذكر القضايا فلا يتسع لها ملف، لكنها مدونة وبعضها ملفات مقدمة للقضاء، من إحراق الصحف وتكميم الأفواه والقتل والسجون السرية والتعذيب والنهب والسطو.. وكثيرة هي أعمالهم الإجرامية في فترة وصفت أنها أبشع فترة مرت بها عدن والجنوب، فهل ستتطهر الأرض الطيبة من تلك الطفيليات القاتلة، فلننتظر خيراً لا يمهم ولا يهمل، وحكمته هي من كشفت لنا خيوط المؤامرة وبحكمته سينال القتلة جزاءهم وسينصف الضحايا.
أحمد ناصر حميدان
إنصاف ضحايا الاغتيالات 1192