ما حدث في عدن انقلاب متكامل وجريمة جسيمة تدخل جميع المشاركين فيها تحت طائلة القانون لينالوا جزاءهم الرادع دون أي تهاون في هذا الجانب.. هذا ما يفترض أن يكون لو أن ثمة دولة قائمة وسيادة وطنية وقراراً وطنياً مستقلاً، لكن للأسف كشفت لنا التداعيات لهذا الانقلاب، أننا أمام دولة أصابها الوهن والترهل والضعف لدرجة غير طبيعية، تكشف عن شلل تام يبدأ من رأس الهرم الرئيس الشرعي ونائبه وحتى الحكومة ومجلس النواب، بما يعني أن السلطة السياسية والتشريعية والتنفيذية عجزت عن أن تعبّر حتى عن إدانة هذا الانقلاب وكأنه حدث في نيكاراجوا وليس في عدن، بما تحمله من دلالة سيادية وسياسية واقتصادية.. وهو أمر أدهش كل القوى الوطنية في الداخل كما في الخارج وحير المتابعين لهذا الحدث التي عجزت تماماً عن التعامل معه مكونات الدولة ،الأمر الذي أدى إلى تساؤلات عدة عن السر وراء هذا الصمت الرهيب إزاء حدث يستهدف وطناً بأسره باعتباره انقلابا متكامل الأركان على الشرعية الدستورية والوحدة والجمهورية باعتباره يصب في خانة الانقلاب الحوثي ويعززه. إذ ليس من المعقول مطلقاً مواجهة تحوّل غير عادي في مسار وطن بالتواري والاختباء وترك شعب بأسره لثلة خارجة عن القانون لا تجد من يوقفها عند حدها أو يطلق حتى صفارة إنذار.. وأنه لأمر مريب فعلاً يجعلنا نتوقف أمام هذا الضعف ونسأل هل إن الشرعية الدستورية بتفرعاتها واقعة تحت ضغوط لا تقدر معها في التعبير عن موقف واضح ورسمي ويعبّر عن سيادة القرار؟ وهل تتعرض لمواقف صعبة تعجز معها من مكاشفة الشعب عن الحقيقة وأهداف هذا الانقلاب والدعوة إلى مواجهته وضبط القائمين عليه؟ الواقع أن ضعف الدولة في اتخاذ القرار السيادي المناسب قد خذل الجماهير الكبيرة وجعلها تطلق آراء هي أقرب إلى الصحة وهو أن الشرعية الدستورية ومجلس النواب والحكومة باتت مختطفة لدى التحالف، غير قادرة على اتخاذ موقف يعبّر عن وطن يتعرض لمؤامرة خطيرة وهو أمر بات أكثر وضوحاً عن ذي قبل. ويبدو أن ما حدث ويحدث وراء الكواليس أكثر بكثير من المكشوف وان م اكان مضمرا أو مسكوتاً عنه، صار واضحاً يستهدف اليمن بخارطته الجغراسياسية رغم ما تبديه السعودية من تصريحات هي أشبه بذر رماد على العيون. ويبقى القول إن المصداقية اليوم لدى الدولة والتحالف تتجلى في الوقوف بقوة في وجه القوى الانقلابية وتقديمها للعدالة لتنال جزاءها وأي توافق خارج هذا الإطار أو مصالحة وقبول بأي اشتراطات على الدولة، إنما هو مؤامرة إضافية تؤجل حدثاً قابلاً للتموضع.. فهناك انقلاب وهناك شرعية دستورية وتجاوز هذين الأمرين بالتعامل خارج ماهو دستوري وقانوني، إنما يضع الكل في دائرة الاتهام. وللشقيقة السعودية والتحالف نقول، ماذا لو أن ما حدث في عدن كان في عاصمة لكم.. كيف ستتعاملون معه بالحوار والاشتراطات أم بالقانون؟ ننتظر الإجابة في قادم قريب يوضح طبيعة موقف التحالف من الانقلابيين..
المحرر السياسي
الرئيس.. ومكاشفةً الشعب؟ 1860