اليمن أرض وهوية يتعرض للظلم، ظلم أبنائه ممن يظنون أنهم مظلومون فيه، وإن مسهم ظلمٌ، يجعل منهم منصفين لا ظالمين، بتقييمهم الخاطئ للأمور وبرؤية محدودة بانحياز للعاطفة المشبعة بقهر وكراهية الظلم نفسه، وغياب العقل والمنطق جعلهم ظالمين لأنفسهم ولغيرهم وللوطن والهوية.
يمنيون وإن تنكروا لهويتهم، يخوضون صراعاً مع الذات اليمنية، جعلوا من أنفسهم ضحايا المستفيدين من هذا الصراع، يمدونهم بالزيت الذي يزيد من إشعال الحرائق في وطن لا يراد له أن يصحوا، يبقى منشغلا في صراع ابدي يضعفه ليجعل منه لقمة صائغه للطامعين.
وهب الله اليمن قدرة فائقة في مقاومة الظلم، ودحر الظالمين، ومهما حاول البغاة والطامعون زرع الظلم وإروائه بمزيد من القوة والنفوذ، ينهار في لحظة صحوه مجتمعية وشعبية، تغار فيها الناس على وطنها وهويتها ومستقبلها.
ولثورتي سبتمبر وأكتوبر مثال لا ينسى، والغضب الشعبي الهادر الذي أسقط ظلم وجبروت أعتى أنظمة استبدادية، الإمامة في الشمال والاستعمار وأعوانه من السلاطين والأمراء والإقطاع في الجنوب، ومن حينها صارت اليمن منبراً للحرية والتحرر، مما ازعج الأنظمة الإقطاعية والأسرية والممالك الاستبدادية في المنطقة، وأعدت خططها وبرامجها بتموين سخي لضرب روح الثورة اليمنية وتفكيك تماسكها, وأيقونتها الأنظمة الوطنية التي تشكلت حينها، في عهد الرئيس الشهيد الحمدي والرئيس الشهيد سالمين وغيرهما من المناضلين الغيورون على وطنهم, في تلك الحقبة كانت اليمن في أوج استقلالها من التبعية والارتهان، كقوة مستقلة مؤثرة في المنطقة في مواجهة تلك المؤامرات والخطط الجهنمية.
أرادوا أن يضعوا على رأس الجنبية اليمنية جعنان، 33 عاما من محاولة تثبيت ذلك الجعنان، ومخاض شعبي وجماهيري في مقاومة تلك المحاولة، التي مدوها بالدعم السخي مالا وقوة، وسلموه الجنوب عنوة، وسقط في لحظة صحوة شعبية وتهاوى، في 11 فبراير, وجاري البحث عن عميل آخر أو كيل.
فترة ظلم فخخت الوطن، بأقليات مظلومة استقطبت للوطن صراع إقليمي، إيراني خليجي، ومؤامرات دولية، أدواته محلية حقيرة، تقدم لهم الوطن مقابل فتات، ودعم نفوذ لتكون متسلطة على الآخرين بحقارة ونذاله لامثيل لها.
وهل تعتقد أخي اليمني الظالم اليوم لبلدك أنك على حق؟, بموقفك المساند للصراعات، والمندمج في خططهم التي ترسم لك شيطان من وسط مجتمعك، وتدفعك لتصارعه، في سيناريو معد بعناية، دورك فيه المعاند والمناكف، لمزيد من التناحر والصراعات وللإقصاء والتهميش والتخوين والتكفير لأبناء جلدتك من شركاء الوطن والعملية السياسية والثورية والتحول المنشود لمستقبل أفضل، هل تعلم أنك تخل بحقك وحق غيرك القانوني والتشريعي، لتعزز الصراعات والتناحر وظلم وطن.
لا كرامة لامة تستجر ماضيها بكل صرعاته وماسية وتتلذذ في قهر وإذلال إخوتهم في الأرض والهوية، ولا كرامة لأمة تتنكر لهويتها لتبحث عن هوية تتماشى مع موضة المؤامرة.
مهما كان حجم المؤامرات، ينتصر اليمن، كما ينتصر اليوم على كل الطامعين والواهمين أن اليمن في أضعف حالاته، ويمكن استثمار تناقضاته، وجعلها مجرد أدوات لصراع طويل الأمد، يجعل اليمن على هامش التنافس السياسي والاقتصادي في المنطقة، ويسهل لهم نهشه وتجزئته وفق ما يشتهون.
تكفي كلمة الأخ المناضل/ أحمد الميسري، ومواقف الشرفاء من المناضلين في هذا البلد وهم كثر وعلى رأسهم (أحمد عبيد بن دغر، عبد العزيز جباري، صالح الجبواني) مع حفظ الألقاب، اختلفنا معهم يوماً، لكن اليوم نتوافق في مرحلة حرجة يعيشها الوطن، وهو يستعيد حريته واستقلاله وسيادته من استغلال الطامعين فيه والواهمين أنهم تمكنوا منه، ونختلف مع عدد من رفاق النضال والثورة الذين هم اليوم في الصف الآخر يسكنهم وهم استلام سلطة وأرض ليحكموها دون سيادة وإرادة واستقلال وحرية وعدالة، وأملنا ونحن على ثقة في فخامة الرئيس/ عبد ربه منصور هادي، الذي لم يفرط بشبر من الأرض ولن يفرط في سيادة وكرامة أمة مهما كانت الضغوطات والإغراءات، واليمن يمرض لكنه لا يموت.