الخطورة هي أن تُضفي هذه البكائيات، وبيوت العزاء، ومظاهر الحزن، والقاب الفخامة على المجرم سليماني شرعية المجاهد، والقائد، والشهيد، فيصبح في غزة، وصنعاء، ودمشق، وبغداد، وجاكرتا، وإسطنبول، وكابل وإسلام أباد، والخليج، والمغرب العربي، وعواصم المسلمين في أفريقيا..... ، بمثابة صلاح الدين الأيوبي، وأحد قادة الإسلام الكبار.
ينبغي أن نُحصن أمتنا من هذا الاختراق، ويجب أن يفهم من لم يفهم بعد، أن سليماني خرج علينا بالسيف، واجتاح عواصمنا تحت راية عنصرية، وفكرة مجوسية، وأن الحزن عليه، والبكاء على مصرعه شأن إيراني، صفوي، لا علاقة لنا به.
لسنا بصدد مهاترات، ولا تسجيل نقاط، ونؤمن أن من سكت عن التطبيع مع الصهاينة عليه أن يستر عورته أولاً، ونعرف أيضاً أنه يصطاد في الماء العكر، لكن من الخطأ الجسيم أيضاً السكوت على حقن الأجيال بجرعات القبول بالصفويين، بحجة طهارة الأيادي التي تمارس عملية الحقن، أو أنها مضطرة، أو أنها لا تقصد هذه الشرعنة... فالذي يهمنا في هذا الصدد هي النتائج الوخيمة، لا الأهداف والنيات النبيلة.
يجب مقاومة أي شرعنة لجرائم الصفويين، ورفض التطبيع مع دولتهم ، ولو قام بهذه الشرعنة من هم أقرب المقربين إلينا ، فليس أحد أقرب إلينا من الحق، ولا نقترب من أحد إلا بقدر قربه من الحق.
إن نتائج هذا التراخي في السكوت على تزييف الوعي، والتماس المعاذير له لن تكون إلا كارثية على إخواننا أنفسهم، ثم على أمتنا برمتها.
ولا يسعني هنا إلا أن أستحضر للعبرة، نتائج التراخي، واللامبالاة مع كتائب قاسم سليماني في صعدة، وكيف وقعت نتائج هذا التراخي الكارثية على رؤوس من أحسنوا الظن فيها قبل غيرهم، بل وكيف عمت بلواها المنطقة بأسرها، ولا زالت، وذلك حينما صموا أذانهم عن سماع صيحات النذير، واستهجنوا هذه الصيحات الصادقة من أول وهلة.
إن علينا أن ننحاز دائماً إلى أمتنا، وقضاياها، وأن نعلم أنه ليس أحد من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- فوق النقد، أو الرد، أو الاعتراض، وفي نفس الوقت، يجب أن نأخذ بيد إخواننا، وننصح لهم، ونكون أشد حرصاً عليهم، حتى يكونوا في صفنا لا في صف عدونا، فقد أعنّا الشيطان عليهم كثيراً.