استثمرت "أنظمة" الدول الثلاث (مصر، الإمارات، السعودية) مليارات الدولارات في الحرب الليبية، فضلا عن السمعة الدولية، الزمن، والعلاقات الخارجية . استدعي حفتر إلى عواصم تلك الدول، صنعت له جيوشاً متعددة الجنسيات، وتدخل سلاح الجوى التابع لتلك الدول من أجل إسناده. أصرت الدول الثلاثة بشراسة قل نظيرها على أن يقتحم حفتر، القادم من خارج السياسة والدستور، طرابلس. ذلك الإصرار لم نشاهده عندما تعلق الأمر بصنعاء (في صنعاء بذرة إيرانية، في طرابلس بذرة ديموقراطية، تلك الدول تصارع البذور الأكثر خطرا).
في نهاية المطاف نظر بوتين إلى ساعة أردوغان، ونظر أردوغان إلى وجه بوتين وقررا معا إيقاف الصراع العسكري في ليبيا، فتوقف الصراع في ليبيا ..
لم تنبس الأنظمة العربية الثلاثة بكلمة، ولم يشر إليها البارحة، كما لو أنها خارج اللعبة الليبية.. بالطبع هي تعمل هناك ويجري الاتصال معها، لكن ذلك يحدث في السر. هذه أنظمة تعمل فقط في السر، لا تمتلك أي شخصية اعتبارية على المسرح الدولي، وهي غير جديرة بأن تكون جزءا من أي مشهد سياسي ذي طبيعة دولية، تنشط فقط تحت الأرض، على المستويات تحت الدولية، تصمم سيناريوهات صراع وتنسى أن تضع لها مخرجا، كما يصعب تحديد بعد استراتيجي واحد في صراعاتها الخارجية، إذا ما استبعدنا الديموقراطية بوصفها تحديا وجوديا في مخيلتها السياسي.
قبل أيام قال أردوغان إن اعتراض السعودية على ذهاب جيشه إلى ليبيا هي مسألة "لا تستحق الاكتراث". يا له من وزن دولي بائس تنعم به تلك الدول!
في 2011، في ربيع العام، كتب أدونيس: إن الإطاحة بالأنظمة العربية ليس ضرورة تاريخية وحسب، بل إنسانية أيضا..