لستُ مقهورًا على الجوف ولا حتى مأرب إن تبعتها، فقد سقطت صنعاء من قبل، وكانت المرارة أكبر، وصل الحوثي حتى سواحل أبين وقصر المعاشيق، كنّا في ذروة القهر ووظننا أن المعركة انتهت؛ لكن النار شبت في كل مكان. هذه البلاد سائلة وكل يوم هي في شأن. لن يبتلعها طرف واحد ولن تستقر لأحد، حتى يستقر كل أبناءها عليها.
أنا فقط، مقهور على الجنود الذين يتساقطون كل يوم بلا ثمن، على الدماء التي تنسكب عبثًا في الصحاري والجبال، أولئك المقاتلين البسطاء الذين تنتظرهم أمهاتهم ولا يعودوا، الرجال الذين يطلقون الرصاص حتى أخر طلقة ويتساقطوا متعبين ومهزومين ولا أحد يلتفت لهم.
يقاتلون برؤوس شامخة وثبات كبير ولا يدرون أن ظهورهم مكشوفة حتى تأتي الخيبة من أعلى لتكسرهم وتذهب تضحياتهم هباءً منثورا، هذه هي خسارتنا التي لا تعوض، الأرض باقية يوم معك ويوم في قبضة خصمك، ما لا يعود هم الرجال الذين ضحيت بهم ببلادة ورميت بهم في المحرقة في معركة بلا قيادة ولا سند.
عزاؤنا للرجال المنكسرين، للقيل اليماني الكبير أمين العكيمي، أخر أسوار الجمهورية المهشمة، هذه هزيمتك النبيلة التي لا يشك أحد بطهرها، يكفي أنك انكسرت بشرف، فلا خنت أرضك ولا هادنت عدوك ولا عدت لبيتك قبل نفاد الرصاصة من بندقيتك، انجو بنفسك، لترتاح قليلا ويوما ما ستعاود الكرة من مكان أخر وسنقف خلفك.
الجمهورية، الحرية لكل الناس، العدالة، الكرامة، الحياة الديمقراطية الكاملة، الدستور، القانون، وكل القيم المدنية المتصلة بهذه المبادئ، تلك هي قضايانا التي لن نتخل عنها وسنقاتل دفاعًا عنها حتى قيام الساعة، سنقاتل عن يمن تسوده هذه القيم ولو يحكمنا إبليس ما خضعنا له حتى يخضع لهذه المبادئ الناظمة للحياة مثل كل شعوب العالم.
تمسكوا بهذه الغايات الكبرى ولا تدعوا تقلبات الأيام تزعزع إيمانكم بهذا اليمن المنشود..لسنا إستثناء من العالم ولا بد أن نقبض ثمن قضيتنا العادلة يوما مهما طال الزمان أو قصر، الأهم ألا نستسلم ونعود للنحيب ولطم الخدود والعزلة في البيوت أو نسلم مصيرنا للقتلة ولصوص البلدان والقيادات الفاشلة.