وهنا سؤال يطرح نفسه : لماذا لا نحترم مشاعر الآخرين؟
لماذا نسخر من رغبات الناس؟
لماذا نصر على الإزعاج والتجريح؟
لماذا نعامل الناس بما نحب لا بما يحبون؟
إن من الذوق والأدب ـ ومن قبل كل ذلك ـ من الإسلام أن نحترم مشاعر الآخرين وآرائهم وميولهم ورغباتهم
وألا نسفه أهوائهم وأن نخاطبهم بما يحبون , ونبتعد عن إثارة ما يكرهون ، وقد قيل أن رجلاً ذهب ليصطاد السمك فكان يضع في الصناره بسكويت بدلا عن الدوود .
فقال له من بجواره : لماذا تضع البسكوت بدلاً عن الدوود .
قال: لأني أحب البسكوت
فقال له الآخر: ولكن السمك يحب الدوود.
فلنجتهد ألا نكون من الثقلاء وممن تمقتهم القلوب وتستثقلهم النفوس ,ويكره لقائهم الصغير والكبير.
احترم مشاعري:
- تقول : أحب زوجي موت؟ ترد عليها أخرى: "لش جني على مو حبيتيه والله لو أني منش ما أشوف لا وجهه".
- وأخرى تلبس فستان أحمر لأنها تحب هذا اللون ولكن صديقتها تواجهها بقولها : "يخخخ أيش هذا اللون البلدي".
- ويترجى الابن والده أن يخطب له بنت الجيران فيجبره على الزواج من بنت قريته.
- وترفض الفتاة ابن عمها وتلمح برغبتها في الزواج من ابن خالها فتغصب على الزواج من ابن عمها.
- يحب التسجيل في كلية الهندسة فيجبره والده على الطب.
إحدى صديقاتي لا تحب أكل لحم الدجاج ولا تستسيغه ولكن الكثير لا يحترم رغبتها ويبادرونها بالقول :
"ليش تحرمي ما أحل الله وأيش أحسن من اللحم وقد يحاولوا غصبها على الأكل مع أنها لم تحرم شيء ولم تدعو إلى التحريم ، وما أثقل ذلك الشخص الذي يراك تأكل شي لا يحبه هو فيبادرك بقوله : يع كيف تقدر تأكله ويظل يتحدث بطريقة مقززة تجعلك تقوم عن الطعام مكرهً.
والنبي صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإن عافه تركه وعندما قدم الصحابة رضوان الله عليهم لحم ظب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم تركه ولم يأكل منه.
فقالوا له : أو حرام يا رسول الله؟ وحدثهم أنه لا يستسيغه لأنه لا يعرفه وغير متعود على أكله.
- أقول لها كلامك أتعبني؟
تصرفك أزعجني ؟
ترد وهي واثقة : أنا مش غلطانة.
أقول لها: أنتي مش غلطانه من وجهة نظرك , وما يعجبك قد لا يعجبني وما يروق لك لا يسعدني.
- يأتي إليك صديق يشكو بمرارة والدموع في عينيه حزنه الشديد على من كان يريد الزواج بها لأنها أجبرت على الزواج من غيره أو تأتي إليك صديقة حزينة غاية الحزن على فستانها الذي أفسدته الخياطة
فتسخروا منهم ومن اهتماماتهم , ولا تعيروا مشاعرهم أدنى اهتمام ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : من عزى مؤمن في مصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة " قال مصيبة " ولم يحدد ما هي المصيبة، فقد يكون الأمر بالنسبة لغيرك مصيبة وعندك أمر عادي.