رهبة الموت أين ذهبت
" من لم يتعظ بالموت فلا واعظ له" هكذا قال الصالحون
كان الموت في السابق عظة وعبرة وله في القلوب خوف ورهبة،
ولا زلت أذكر كيف كان المقصرون يهرعون للصلاة ويواظبون على قراءة القرآن ويلزمون المساجد إذا فقدوا بالموت قريباً أو صديقاً أو جاراً أسبوعاً أو أسبوعين.
أما اليوم فلم يعد للموت رهبة، وليس فيه عبرة أو موعظة،
فكم رأيت بعيني من يضحك أو يمزح وجسد قريبه لا يزال مسجى على الفراش
بل وتجد من يتحدثون عن أمور الدنيا في مجلس فيه إنسان يحتضر وآخرون يمدحون أو ينتقدون نوعية القات الذي وزعه أقارب الميت على جموع المعزين.
وتستمر الحياة :
بالنسبة لي أرى أن أقسى ما في الموت هو ما يحدث بعد الموت فيدرس ذكرك وينسى اسمك
وبعد أن كنت زهرة المجالس وانسها ونور البيت وبهجته تصبح شبحاً يخاف من رؤيته الأصحاب والأحباب وتستمر الحياة بدونك وكأنك لم تعش بينهم ومعهم يوماً واحداً.
عندما مات خالي رحمة الله تغشاه قبل ما يقارب سبعة عشر عاماً إثر حادث مروري وقد كان أقرب الناس إلي وأحبهم، اعتزلت الناس وامتنعت عن الطعام " وهذا لا يجوز شرعاً" وكانت أختي الكبيرة تقول لي يا أحلام ستمر الأيام وتعودين إلى الحياة بشكل طبيعي.. وفعلاً رغم كل الألم الذي عشته والحزن والذي عصف بي لم تمر سوى أسابيع قليلة وإذا أنا أضحك وأمزح وأمارس حياتي وكأن خالي لم يكن، هذه هي الحياة وهذه هي حقيقتها، سينساك من أحببت ومن أحبوك ولن يزوك من كنت تزور ومن كانوا يزوروك.