كانوا قبيحين، ودمامتهم بادية ولضمائرهم رائحة الموت والضغينة وكراهية القرون .
كانوا بادين رغم محاولات التجمل،
وكنا المتعامين السذج والبلهاء الكبار،
لم أصدم بهم ولا أراهم جديرين بمشاعر المصدوم وكأن بشاعتهم طارئة وسلوك مباغت لم يكن في الحسبان.
صدمت بي وبفطنتي واغتراري وبسوء تقديراتي لشخوص ومواقف وأطروحات ومزاعم وادعاءات وطنية وسياسية وثقافية وإنسانية بدت مجرد أقنعة، لمستذئبين . يعيشون في حالة تربص أبدية .
الطيبة قد تكون قاتلة
كل ما هنالك اننا كنا طيبين حد السفه والبلاهة متورطين في مجاملة الحثالات وتملق الحقارات
تعايشنا طويلا مع القماءة والشرور والخيانات الصارخة ومنحنا الجريمة ملاذات وأستارا ووسعنا لها داخل عقولنا وأرواحنا واخترعنا لها الكثير من مبررات الحضور ومسوغات التصدر
نحن ضحايا خدر وتواطئات خاصة وعامة أسفرت عن انحطاط عام ظل مرعيا ومحتضنا بعناية من قبل الجميع في صور شتى بالطبع وتحت شعارات ونوايا تجاوزت حدها واحتوت ضدها ببلاهة
كان الشيطان يعمل بدأب تحت عباءات مختلفة وكان قبحه أكبر من أن يخفى وكنا أكثر غفلة وأقل انتباها واحتراسا سارعنا لطرح الفطنة باكرا وقبل اختبار النوايا .
تخلينا عن الكثير من إمكاناتنا الحامية .
صرنا أقل ارتيابا وتشككا، اقل تثبتا وتحققا، أقل تحصنا ومنعة
وأكثرً تراخيا وفتورا في تفحص الوجوه والوجهات، والتفتيش في الأقوال والأفعال، لا نتوقف كثيرا ولا ندقق. يعنينا أن نبرهن مصداقيتنا في تقبل الآخر والإعتراف به والتعايش معه. والإيمان بحقوقه وحرياته، حتى وصلنا الى هذا الحد من نكران حقنا في الحياة والوطن وحقنا في الحرية والكرامة واعتبارنا مجرد كائنات قابلة لكل اشكال الهدر والاستبعاد .
سيقال أثبتنا أنا أكثر إنسانية وصدقا وانفتاحا وتفوقنا أخلاقيا وبذلنا جهدا في استدعاء انسانيتهم في حين أخفقوا في الارتقاء والتسامي والارتفاع وفشلوا في الانتصار على شرورهم وضغائنهم. واختاروا الارتكاس والسقوط.
حسنا لكن ووفق منظور أكثر اتساعا ونفاذا للمآلات الكارثية تستطيع إدراك معنى أن ترعى القيمة وأن تحتضن الجريمة .
ما حدث كان تساهلا اخرقا مع الشر .
نجم عنه إسقاط للمعيارية وتخدير للحساسية
وتمرير للبشاعات ورضوخ عام لمنطق ذرائعي يسوغ الشيطان، ويمنحه القبول التام،
ثم ماذا؟ تكاثر الوباء واستمرت مناعة المجتمع في الضعف والعطب. انتعش الزيف وتعاظمت الخيانات، وانفلتت الغيلان الصاهلة والصارخة في كل اتجاه. واستوى الانحطاط
انقلابا همجيّا أوردنا الجحيم .
هذا الذي دافعنا عن حريته طويلا وانتزعناه من السجن مرارا صار أكبر سجاني البلاد. لم نكن نبصر في عينيه أغلال القرون .
ولم يكن حرا بما يكفي كي يكون ابن وطن حر وشريك احرار .
هذا الذي كان يتحدث عن الوطن والمواطنة وعن الديمقراطية والتعددية والعدالة والمساواة، وكنا نؤمن بعده ونصغي اليه باهتمام ونخط تصريحاته بالبنط العريض.
هو من يتزعم الآن المسيرة الانقلابية ويحارب بوحشية مطالبا بحقه في الملك بحنين سلالي لعين مسكون بأمراض الحقب وادواء العصور .
نحن ندفع ثمن عمر من الغفلة وتبادل السخريات والانخراط في تعاقدات مغشوشة اسهمت في مكاثرة الهمج وتنمية الخونة والسفاحين .
الغريب اليوم أن تقترح التسويات المطروحة تناسي كل الفظاعات التي اقترفها حلف الانقلاب وتجاوز بشاعات الحرب وهذي المدن المدمرة والمقابر الممتدة والجراحات المفتوحة وكل هذا الخراب الذي حاق باليمن والبحث عن الحكمة اليمانية تحت الأنقاض وفي الدروب المسكونة بالموت وإعادة إنعاش روح السلام المقصوفة والدخول في تسوية مع الفجور المدجج
تسوية بدوافع إرضاءيه ندرك يقينا أنها لا يمكن أن تعيد الدولة عبر مطار صنعاء مع اول الرحلات .
الواقع على الأرض يهزم تطلعات الجميع لسلام حقيقي شامل وعادل يضمن العودة الى الجمهورية اليمنية
لا الى المجهول .