في محافظة شبوة هناك ملاذ حقيقي للكرامة الرئاسية، وللكرامة الوطنية، لكن أحد مستشاري رئيس الجمهورية للأسف الشديد، بدأ دوراً مشبوهاً في هذه المحافظة لتقويض الوضع الممتاز لهذه المحافظة والتي دأبت بفضل محافظها على تحقيق إنجازات مشرفة على المستوى التنموي والسلم الاجتماعي .
عوض محمد ابن الوزير العولقي عضو مجلس النواب عن المؤتمر الشعبي العام في شبوة، هو سليل عائلة مشيخية كانت تحكم منطقة نصاب تحت إشراف المستشار السياسي الإنجليزي مثلها مثل العشرات من المشيخات والسلطنات والإمارات قليلة الوزن التي تقاسمت الجغرافيا الجنوبية لليمن .
ما يهمني هو أن هذا الرجل وبعد خمسة عاماً من البقاء في أبو ظبي جاء لينازع محافظ شبوة محمد بن عديو الذي أرسى نموذجاً مشرفاً للدولة في محافظة شبوة، ويحاول أن يرسخ قواعد العمل الوطني هناك على أساس الانتماء الكبير لليمن والانفتاح على الجميع .
ادعى ابن الوزير أنه فوق الأحزاب وأنه جاء منقذا لشبوة من الفساد والتردي المعيشي، وبحسبة بسيطة فإن ادعاءات كهذه يمكن أن تكون صحيحة لو أنه ذهب إلى العاصمة السياسية المؤقتة التي يهيمن عليها فصيل عميل للإمارات ويشاطره الأجندة ذاتها وهي أجندة انفصالية وفوضوية وأساسها التخادم المكشوف مع الطامعين الإقليميين .
لم يكف محافظ شبوة على المطالبة بإعادة إطلاق المشاريع النفطية والغازية التي تتواجد في محافظة شبوة وهي مشاريع ضخمة لو أعيدت إلى العمل لوفرت مصادر دخل كبير ومهدر للدولة اليمنية ويمكن لعائداتها أن تحسن معيشة الناس، ولكن الإمارات تصر على تعطيلها، ولم يكلف ابن الوزير نفسه عناء السؤال: هل يمكن لشبوة أن تستفيد مثلاً من مشروع الغاز الطبيعي المسال ومعمل التسييل في بلحاف، إذا تم اقتطاعها من الشرعية وضمها إلى المشروع الانفصالي؟
توسل هذا النائب ذريعتين هما آخر ما في جعبة أبو ظبي وهما: الادعاء بأن دخول الحوثيين إلى شبوة كان نتيجة تفريط المحافظ وبالتالي "الاخوان المسلمين " لأنهم يصنفون قوات الشرعية على أنها ميلشيا اخوانية لا أكثر، أما الذريعة الثانية فتتعلق بالوضع المعيشي والوضع الأمني وتدني منسوب الحرية في المحافظة، وسط ادعاءات بمنع التحركات الشعبية والاعتصامات ذات الأجندات التخريبية بالطبع .
ابن الوزير اعتقد أنه سينجز المهمة بنجاح فهو من "مخزون عفاش"، وهو مستشار لرئيس الجمهورية وهو نائب برلماني، وامتداد لمشيخة العوالق المندثرة ومقرها نصاب، وهي أقل شأنها من سلطنات كانت قائمة في هذه المحافظة وعلى رأسها السلطنة الواحدة التي تستند على عمق اجتماعي أصيل وذي شوكة في محافظة شبوة .
لكنه نسي تماماً أن الوضع في شبوة مختلف وأن التوازن العشائري صلب ليس، من منطلق دعائي، ولكن لأن ابن الوزير وبإيعاز من الإمارات اعتقد أنه بمجرد تحريك الورقة الاجتماعية والعشائرية سوف يحقق أهدافه بالإطاحة بمحافظة المحافظة، بمعنى أنه يريد أن يحقق أهداف سياسية متمثلة في الإطاحة بمسؤول حكومي كبير، عبر الآلية العشائرية، ونسي أن المحافظ يستند إلى بيئة عشائرية قوية وساندة وذات شكيمة .
وهذا يقتضي مراجعة هذا النهج التدميري الذي جاء به عوض محمد ابن الوزير العولقي في مهمة أخيرة لتغيير الواقع الجيوسياسي في محافظة شبوة. لا يمكنه أن يسوق كذبة دخول الحوثيين شبوة بتسهيل من المحافظ، لأنها كذبة سمجة ولا يمكن القبول وبها ولا تتفق مع التركيبة الخاصة والعنيدة والشجاعة لمحافظ شبوة، والحقيقة أن ابن الوزير كشف عن الطرف الذي ساهم في إنجاح مخطط دخول الحوثيين عبر الأطراف الشمالية الغربية لمحافظة شبوة في طريقهم نحو مأرب .
إنه هدف عسكري يحقق هدفاً سياسياً للانفصاليين الذي يتركز اهتمامهم بالمهمة العسكرية للحوثيين في محافظة مأرب ويتمنون من كل قلوبهم أن تكسر مأرب وينتهي معها نفوذ الشرعية ومعسكرها السياسي وعمقها الشعبي الكبير .
لقد استنفد التحالف وبالذات الإمارات كل الوسائل لوضع شبوة تحت نفوذ المجلس الانتقالي الانفصالي واسلخها من عمقها الوطني والنأي بها من المعركة الحاسمة مع أعداء الوطن والجمهورية من الحوثيين، ومن المؤسف أن تأتي آخر هذه المحاولات بأداة عفاشية، والأسوأ بواسطة مستشار لرئيس الجمهورية النائم كعادته في الرياض .
