الوحدة الوطنية هي أساس استقرار الدول ونمائها , ويقوم عليها البناء الوطني السليم , فيها تتخلق أدوات التنمية السياسية بخلق وطنية سليمة قادرة ان تنهض بالوطن .
فالوحدة الوطنية قيمة سامية , تحتاج لمنظومة سياسية من نفس نمط السمو لكي تستقيم , وتؤدي دورها في نهضة وطن وحفظ كرامة أبنائه .
وحدتنا اليمنية هدف سامي , لشعب موحد , تحت حكم سلطات مرتهنة للاستقطاب الدولي , و أدوات الحرب الباردة والحارة معا , فتضررت ولجأت ل وحدة يمنية , فيها الشعب يزداد ترابطا , ولم تتوحد سلطاته التشريعية والتنفيذية , وصمام أمان وحدته , القوة العسكرية والأمنية , فكانت التناقضات في راس السلطة , ودعم دولي لحسم مخلفات الحرب الباردة , وإعادة رسم الخارطة الدولية وفق نفس المنتصر, فانتصرت الإرادة الدولية , والارتهان لها , مما ابقى قضية التحرر والاستقلال , قضية حية , تقاوم بشدة الارتهان والتبعية .
قضية تطلبت لثورة شعبية , بدأت من الجنوب المتضرر من تصفية بقايا الحرب الباردة , والترسانة العسكرية التي خلفها القطب الاشتراكي , ثورة قادتها نخبة سلطوية فقدت مصالحها , وبعض العسكريين الذين فقدوا حقوقهم , ولم تستوعبهم السلطة البديلة , والقوى الوظيفية الفائضة التي تضررت من تدمير مصادر رزقها , وتفاقمت تلك الثورة مع كل رفض للمنتصر استيعاب الجميع , و وضع حلول ترضي الجميع , وإرساء دولة عادلة و منصفة , دولة المواطنة والحريات والنظام والقانون , ثورة وجدت تحالفات من كل مناطق اليمن شماله وجنوبه .
كادت الإرادة الشعبية ان تتحقق , لو لم تبرز مشاريع صغيرة , جرت البلد لتكتلات طائفية مناطقية , اشتغل عليها العالم المنافق , وحرك ادواته الإقليمية , في تدخلات دعمت تلك المشاريع , التي أوجدت لها مبررات التدخل السافر والمباشر في إدارة الحرب ضد إرادة الناس في الجنوب والشمال .
وقع الجنوب باعتباره الجغرافيا التي استهدف فيها النظام الاشتراكي , تعرض للانتهاكات السافرة , وزج به في فخ الوحدة والانفصال .
وللحرب سعير وأدوات , محرضين ومبرراتهم , يتم توظيف كل التناقضات , وتستهدف القيم والأخلاقيات والمبادئ، وبالتالي الفكر الحامل لها، لخلق حالة من التفسخ العام لدى المجتمع لتقبل ما يملي عليه، فيتصحر و تتصحر العقول، وتتوه عن جوهر المشكلة لتكن مشكلة بذاتها تصنع عدد من المشاكل، وتغذي صراعات جديدة لمزيد من الفرقة والشتات والانهيار .
فلا غرابة من ان تتصدر المشهد مشاريع استعمارية , وأفكار بالية , تبدأ تهد أسس بناء الثورات المتلاحقة , وبنيان الجمهورية والديمقراطية , أدوات التنمية السياسية , لا غرابة من بروز قوى مرتهنة للخارج الإقليمي والدولي , ترفض السيادة والإرادة , وتعتبرها كلام فاضي , وتتكتل ضدها بصورة قبيحة , في توظيف قذر من قبل الخارج , ويتم اقصاء وتهميش كل صوت ينادي بالسيادة والإرادة , ويرتفع شأنا الصوت النشاز , النفوس المحبطة التي تبكي وتذرف دموع التماسيح على ماضي عفن , وتمجد قوى الخارج بشكل مهين , وتسلمها الأرض والثروة , وكل مبررات استباحت وطن واهانة أبنائه , مقابل حفنة من الدولارات .
متى نخرج من فخ الوحدة والانفصال , الذي لازال يعزز روح الانقسام في قمة السلطة المركزية , وانعكاساته على المجتمع اليمني والوطن , شمالا وجنوبا .
فخ يعزز فشل الدولة الوطنية , ويهد اركانها , ويقدم خدماته للخارج اللعين , الذي لا يريد يمن قوي صلب موحد ذو ارده وسيادة , يمن ينافس بقوة موقعه الجغرافي وما وهبه الله من تنوع مناخي وثروة بشرية في ارض باطنها حبلى بأغلى كنوز العالم , فهل تعقلون ( فاتقوا الله يا أولي الألباب ) .