;
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

ماذا نتعلم من تجربة رواندا الثرية؟ ومن نجاحات رئيسها ومن رقي المسلمين فيها؟ 986

2022-06-16 09:35:34

اليوم تسجل رواندا هذه الدولة الصغيرة التي تقع في قلب أفريقيا ما يشبه المعجزة، وتقدم تجربة ناجحة في النهوض والتنمية وتحقيق العدالة والمصالحة التي ضمدت القلوب بعد أشد المجازر دموية في نهاية القرن العشرين.

shape3

يمكننا أن نتعلم من رواندا كيف نتسامح ونسمو فوق جبال من الجثث وتلال من الجماجم لنمضي سويا نحو المستقبل والتسامح والنهوض والتنمية وهي دروس نحن بأشد الحاجة إليها في عالمنا العربي.

تجربة الرئيس الرواندي بول كاغامي في طي صفحات الحروب ومنع الاقتتال العرقي والنزاعات القبلية والعنصرية وإنهاء المشاكل والنهوض والتنمية والاهتمام بالتعليم والصحة تجربة تستحق أن تدرس وأن تقرر في كليات ومعاهد العلوم السياسية في العالم، فهذا الرجل حقق المعجزة في بلد كان يغرق في أبشع نزاع قبلي وعرقي في العالم أجمع ومع ذلك أستطاع أن يتغلب على كافة مشاكل هذا البلد وينهض به نحو مستويات متقدمة جدا من النهوض والتنمية والتطور الحضاري الشامل .

نحن في بلداننا العربية التي ما تزال تغرق في تداعيات الحروب وتأثيراتها الكارثية بحاجة إلى رجل بعقلية كاغامي وحبه لوطنه ، رجل يعمل من موقع المسؤولية على إنهاء مشاكل وطنه والنهوض به رغم كل المشاكل والعوائق والعراقيل .

في رواندا التي توصف الآن بأنها « سنغافورة « أفريقيا والدولة الأكثر نظافة ونهضة تنموية في أفريقيا ، وبالتحديد في العام 1994م ومن 7 أبريل إلى 15 يوليو من ذلك العام ، أي مثل هذا اليوم ، قتل أكثر من 800 ألف إنسان من أقلية التوتسي على أيدي أغلبية الهوتو الحاكمة ، كانت تلك المجازر البشعة من أشد صفحات الاقتتال القبلي العرقي دموية على مر التاريخ .

الدور الفرنسي السلبي في مجازر رواندا

كما مثلت تلك المجازر أشد صفحات فرنسا ظلاما ودموية حيث وقفت بكل قوة مع أغلبية الهوتو وأمدتها بالسلاح والدعم السياسي والمعنوي ، وقد حاول الرئيس الفرنسي ماكرون الاعتذار عن دور فرنسا في مجازر رواندا وذلك خلال زيارته للعاصمة الرواندية كيغالي في 27 أيار مايو 2021م في محاولة للمصالحة بين البلدين بعد خلاف استمر أكثر من 25 عاما على خلفية الدور الإجرامي الذي لعبته فرنسا في إبادة التوتسي العام 1994م.

وكانت لجنة تحقيق فرنسية قد أصدرت تقريرا في آذار مارس 2021م قالت فيه إن موقفا استعماريا أعمى المسؤولين الفرنسيين وإن الحكومة تتحمل مسؤولية «كبرى وجسيمة» في قتل ما يزيد على 800 ألف من التوتسي والهوتو المعتدلين.

وما تزال سمعة فرنسا هي الأسوأ في رواندا ولذا قامت الحكومة في كيغالي بقطع علقاتها مع فرنيا ومنع تدريس اللغة الفرنسية في البلاد .

دور ايجابي ورائع لمسلمي رواندا

في تلك الأيام الدموية من عام 1994م كان المسلمون لا يشكلون إلا نسبة 1% من السكان البالغ عددهم 10 مليون نسمة ، قد أعلنوا رفضهم لهذه المجازر وحاولوا إيقافها فما استطاعوا فأعلنوا ابتعادهم عن « الفتنة « ولم يقف دورهم عند هذا الحد بل كانوا يفتحون مساجدهم ومؤسساتهم ومنازلهم للفارين من التوتسي ، ويقومون بإخفائهم حتى لا يقتلهم الهوتو الذين كانوا يبحثون عنهم في كل مكان فقد كان الجار يقتل جاره والزوج من قبيلة الهوتو يقتل زوجته التي من قبيلة التوتسي في واحدة من أبشع المجازر في تاريخ البشرية .!

كان المسلمون يقدمون أروع المواقف الإيجابية في حماية الإنسان من بطش أخيه الإنسان وهو ما دفع ما يقارب مليون رواندي ممن نجوا من المجازر من التوتسي ومن عقلاء الهوتو إلى اعتناق الإسلام فزادت نسبة المسلمين في رواندا من 1 % إلى ما يقارب 12 % وزادت شعبية المسلمين لدى عموم الناس .

أستطاع المسلمون أن يعملوا على تجنيب الكثير من أبناء أقلية التوتسي من موت مؤكد في حين فر البقية خارج البلاد للنجاة بأرواحهم ، حيث خاطروا بأرواحهم وهم يحمونهم في مساجدهم ومنازلهم ، في حين كان الذين يفرون إلى الكنائس يساقون إلى موت محقق فقد كان القسس يغلقون عليهم أبواب الكنيسة ويبلغون الهوتو عنهم فيأتون إليهم ليقتلوهم عن بكرة أبيهم .!

الدور السلبي للكنائس في رواندا

ما يقارب 250 ألف إنسان من التوتسي قتلوا داخل كنائس رواندا ؛ وبالتواطؤ بين قيادة الكنيسة وقبائل الهوتو ، وهو ما دفع بالبابا فرانسيس للاعتذار و « التضرع مجددا للرب طلبا للغفران عن خطايا وأخطاء الكنيسة والمنتمين إليها ، ومن بينهم أساقفة ورجال دين ونساء دين استسلموا للكراهية والعنف ، وخانوا رسالتهم الانجيلية لعل هذا الاعتراف المتواضع أن في «تطهير الذاكرة وتجديد الثقة وتضميد جراح هذا البلد الواقع في وسط أفريقيا « حسب قوله لدى زيارته لكيغالي في 20 مارس آذار 2017م.!

لكن حكومة رواندا أكدت حينها إلى أنها تشعر بأن هذا الاعتذار ليس كافيا وقالت إن الكنيسة المحلية لا تزال متواطئة في حماية مرتكبي الإبادة الجماعية .

هل رأيتم علماني أو ليبرالي أو حداثي ينتقد الموقف الفرنسي الإجرامي من هذه الجرائم ؟!!

باريس عند العلمانيين والليبراليين المتنورين عاصمة النور والثقافة والتنوير .!

وهل رأيتم يوما أحدا من العلمانيين أو الليبراليين أو من المتنورين من ينتقد مواقف الكنيسة من مجازر رواندا ؟!

أو ينتقد مواقف الكنيسة من اغتصاب الأطفال والنساء والشذوذ الجنسي والمتاجرة بالمواقف السياسية أو المتاجرة بالدين ؟!

وهل رأيتم علماني أو ليبرالي من المتنورين يشيد بهذا الدور الرائع لمسلمي رواندا ؟!

وهل رأيتم الإعلام العالمي أو أي فيلم وثائقي أو سينمائي يشيد بدور المسلمين في رواندا ؟!

للأسف الإعلام العالمي وأتباع الغرب في بلداننا لا يرون في الإسلام وأبناء الإسلام إلا التطرف والكهنوت والرجعية والتخلف فهم يرددون كـ ببغاوات ما يمليه عليهم مموليهم من أعداء الأمة دون إدراك لحقائق الواقع وأحداث التاريخ .!

بعد هذه التساؤلات نتمنى أن نستفيد من تجربة رواندا الثرية وأن نتعلم من نجاحات رئيسها ومن تسامح مسلميها وحبهم للإنسان وحرصهم على حياته في وطن يتسع للجميع .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد