هل هي فعلا حالة ثورية لازالت تتمخض ,اما انها فوضى صاحبت الثورة الجنوبية.
وحرب أوجدت فرص تدخل خارجي , تمكن من صناعة حواضن التخلق لأدوات استمرار الفوضى , مما شل قدرة حالة الثورة للانتقال الى حالة الدولة , والبناء والتنمية السياسية والثقافية والفكرية , لتفضي لتحول حقيقي لمستقبل منشود .
ما من ثورة إلا وصاحبها قدرا من الفوضى , وبمستوى مقدار الوعي للنخب , تحدد مقدار تلك الفوضى , فتسود مصالح ضيقة , لشرائح تريد ليلا طويلا و دامسا كي تصفي حساباتها و ثارات قديمة , مما يعطي فرصة لتفشي فساد متعدد الأوجه , حواضن لدود تنهش جسد الوطن , الفساد يستلذ الانخراط فيه الضعفاء , ليصنع منهم لوبي فساد وإفساد , يتاجر بكل شي , بالثورة والسيادة والإرادة والأرض والعرض , فساد يسقط الأخلاق والقيم والمبادئ وتتربع المشهد فوضى عارمة تتحرك فيها كل ما تخلق بالحرب من فيروسات العبث ودود تنهش الجسد , وأدوات الفوضى والمتاجرة بالقضايا والمبادئ , فتصدح شعارات لا تفضي سوى للتعطيل وصناعة الأزمات , واستمرار المعاناة .
اليوم في عدن مجتمع منقسم , ومشاريع تتصارع , وكل ما تخلق في حالة الحرب يتحرك نحو بسط سيطرته على مقدرات ومقومات هذه المدينة , معتقدا ان بالسيطرة سيفرض أمر واقع , اختلط الحابل بالنابل , وتحولت الحقوق لمظاهر تعطيل ترسيخ فكرة الدولة وأدواتها , وتفعيل دور المؤسسات , ليستقيم العود , ويعود النظام والقانون ضابطا لإيقاع الحياة والعلاقات , انها حرب المصالح , في من يعزز دور الفوضى ليحفظ مكاسب الحرب , ومن يعزز دور المؤسسات للانتقال لحالة الدولة , وبينهما شعبا منهك محبط , مستغل وتائه , ومن يدرك حجم المؤامرة مصدوم .
إغلاق المدارس , و إغلاق المحاكم , مؤامرة خبيثة تستهدف عملية التعافي لوطن , توافق فيه النخب السياسية على بناء الدولة , وتوجيه المعركة ضد من انقلب على التحول السياسي , فلا تعافي لوطن دون استمرار التعليم , فلم تنهض المانيا الا على ايدي نساء الأنقاض , بعمل وطني دفعهم للبحث عن كتب الدراسة من بين أنقاض الحرب , و تعليم الجيل , لتحريك عجلة البناء التي يجب أن تبدأ بالإنسان , وهكذا نهضت كل الأمم اليابان والصين وسنغافورة وغيرها من العالم المحترم .
والمحاكم هي أدوات العدالة , والعدالة أساس الحكم , ومشرط التعافي , اغلاق المحاكم هي مؤامرة على التوافق لتعزيز دور فكرة الدولة , وتسيد النظام والقانون الضابط لإيقاع الحياة العامة والعلاقات بين الأفراد والجماعات .
لم استوعب حالة الفوضى القائمة , من أناس يدعون الوطنية , و يتوقون للدولة الضامنة للمواطنة والكرامة والعدالة , وهم يفتقدون لروح التضحية من أجل تعافي وطن , وتسيد نظام وقانون , وإصلاح حال المؤسسات , وهيكلة الأمن والقوات المسلحة , لإنهاء حالة الفوضى التي تستشري لمزيد من الانهاك والالم والاوجاع , لمزيد من القهر والفقر , من قوى حالها افضل بكثير من غيرها , ممن فقدوا لقمة عيشهم , فقدوا كرامتهم , هُجروا وشردوا من ارضهم , وان وجدوا فيها فهم مقصين خاضعين أذلاء , في حالة تتفوق فيها الانا والانانية , كلا يسعى لقهر الاخر , ولي اذرعه , ليسيطر ويحكم ويتحكم , ويعيش في نعيم على حساب وطن وشعب فقد الرهان بالجميع , والتاريخ لا يرحم , يدون احداث المؤامرة بتفاصيلها , وشاهد على أناسا تحسنت احوالهم حين جاع شعبا وانهار وطن , معروض للبيع , كما قال شاعرنا سلطان الصريمي (باعوا الأصابع وخلو الجسم للديدان )