منذ ليل الأربعاء والخميس تجددت المعارك في محيط مأرب، بالعنف الذي بلغته في ذروتها قبل نحو عام في مؤشر على أن الجهود الدبلوماسية وصلت إلى طريق مسدود احتاجت معه جماعة الحوثي ربما إلى تحديث المعطيات الميدانية وتعضيد مطالبها المتطرفة بإعادة طرح خيار السلاح والعنف .
لم يتضح بعد ما إذا كانت محادثات الغرف المغلقة في مسقط هي بالفعل تسعى إلى التوصل لصفقة ثنائية بين السعودية من جهة وإيران التي يمثلها الحوثيون في صنعاء بدرجة معقولة من الاستقلالية، لأنه إن مضت الأمور في هذا المسار فإن الحرب ستكون قد وحدت الأعداء الداخليين والخارجيين على الشعب اليمني .
لكن من المؤكد أن مجلس القيادة الرئاسي من الضعف والتضعضع والتبعية إلى الحد الذي يبدو معه محايداً إزاء الترتيبات المتعلقة بمصير اليمن، وإن اعتقد بعض أعضائه بأن ضعف هذا المجلس قد يفيد أو يقوي من فرص مشاريعه المخدومة بسخاء من جانب السعودية والإمارات .
معارك مأرب لا يمكن الاكتفاء بالنظر إليها على أنها تمثل أمل الحوثيين اليائس في حسم الخيار الميداني والتملص من قيود التسوية الدبلوماسية حتى وإن وضعته مكافئا للتحالف وقواته المادية والعسكرية والدبلوماسية الهائلة، فقد خبروا مأرب جيدا وذاقوا مرارة الهزيمة فيها رغم الدعم الكبير الذي يتلقونه بما فيه خذلان التحالف للجيش الوطني .
معارك مأرب بما يترتب عليها من كلف هائلة على الحوثيين أولاً وعلى الأبطال المدافعين عنها، هي في الأساس تعيد الأمور إلى نصابها واستحقاق الحسم العسكري والسياسي لرجال الجيش الوطني الأبطال وإلى شهداء الدفاع عن الجمهورية، بعد أن استنفد منافسوهم السيئون في الشرعية تهم التخادم مع الحوثيين ودعم الإرهاب وخيانة التحالف وغيرها من التهم التي ألصقتها هذه الأطراف بالجيش الوطني والمقاومة الشعبية .
هناك تطورات إيجابية للغاية ستجعل من المغامرة العسكرية للحوثيين في مأرب هذه المرة محفوفة بالمخاطر والإخفاقات، بفضل الاستعدادات واليقظة الكبيرين من جانب الجيش الوطني والمقاومة .
وكل ما يحتاجه الجيش الوطني اليوم هو قيادة سياسية تستثمر كفاحه وتضحياته واستعدادات البطولية الخارقة، وهذا وحده يكفي لإسقاط ذريعة الخطوط الحمر التي رسمتها واشنطن حول صنعاء. وهي الذريعة التي أريد لها أن تغسل غدر التحالف وخياناته، وإلا فإن واشنطن كانت قد نظمت مؤتمراً للفصائل المتمردة المناهضة للحكومة الإثيوبية، بهدف تأسيس تحالف ذلك الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل ميلس ريناوي .
لقد سقط المخطط الأمريكي تحت أقدام رئيس الوزراء آبي أحمد وشعبه، الذي أوقفوا الزحف العسكري على أديس أبابا متجاوزين تشويشاً غربياً خطيراً لصالح المتمردين من خلال الإيعاز للبعثات الدبلوماسية بمغادرة العاصمة .
وكانت النتيجة أن الحكومة حسمت الحرب لصالح وحدة الدولة الإثيوبية بعد أن ارتدى آبي أحمد بزته العسكرية وقاد المعركة بشكل مباشر في عمق الجبهات .