يسأل المواطن البسيط، ما الذي يحدث في مناطق تحررت وهي تحت سلطة الجنوبيين اليوم ؟
ولم يتحقق شيئًا مما ظلوا يشكون منه.
لا بنوا دولة، ولا انصفوا مظلوم، ولا عادوا للناس حقوقهم المسلوبة، لا جيش جنوبي انصف، واستعاد مكانته، واستعاد الأفراد كرامتهم، ولا عادت المؤسسات التي نهبت، وعادت المصانع التي خصصت، ولا استعاد الجنوب خيراته، والعملة قوتها، وميناء عدن دوره، ولا عادت عدن مدينة رائدة و ومنارة كما كانت وأعظم، ولا تحسنت المعيشة فيها وتحسن حال المواطن والخدمات والمؤسسات.
والجواب دون تردد أن المعنيين بالقرار قد باعوا، باعوا ضمائرهم، وانشغلوا بأنفسهم أكثر من انشغالهم بالهم العام، والهدف العام، باعوا حينما أعلنوها للملا دون خجل وحيا، خذوا الجنوب تبعكم، ونبصم لكم بالعشر، بصموا وباعوا ببخس الثمن، ولهذا تحسنت أحوالهم، ولم يتحسن الجنوب.
قد يذهب البعض بتفكير سطحي، ويقول اليوم علم الجنوب يرفرف في كل بقاع الأرض الجنوبية، كراية للانفصال تعلوا ، ونقول لهم الراية هي وسيلة وليست غاية، وسيلة قد يستخدمها أشخاص لا يؤمنون بقضية الجنوب، فاستخدمت الراية للوصول لأغراض شخصية، وصل البعض لمصدر القرار، وتربع كرسي الوزارة، وقائد يشار له بالبنان، وتشكل منهم نفوذ متحكم بالثروة والسلطة، يحكم وينهي، نفوذ استغله لخدمة أسرته وأقاربه وأبناء قريته وقبيلته، وتناسى القيم والأخلاقيات والمبادئ التي تشكلت القضية الجنوبية منها.
عندما أعلن البيض الانفصال، لم يحدد حدود جغرافيا، قال نريد أن نستعيد حقنا في الدولة التي يطمح لها الناس، الدولة التي صغناها في اتفاقية الوحدة، بالتعددية السياسية وحق المواطنة، ونفتح المجال لاستيعاب كل المناطق التي تطمح لهذه الدولة، وذكرها بالاسم، مأرب وتهامة وتعز والبيضاء، وهي مناطق تعرضت لسنوات للتهميش والإقصاء، للقمع والتنمر، للتمايز والدونية، كان انفصالا يدعو لتشكيل نواة دولة محترمة يمكن أن تتوسع لتعم اليمن، في وحدة محترمة.
جماعة انفصال اليوم ,جماعة مختلفة، لم تقدم الانفصال برؤية وطنية وإنسانية عادلة، بل قدمته بنسخة مختلفة وشكل آخر، ترفرف فيه الراية عاليا، وعلى الواقع تهدم القيم والأخلاقيات وعدالة القضية، بخطاب سمج من الكراهية والعنصرية، الذي ترك النظام السياسي المتسبب في انهيار قيم الوحدة، ليركز على المناطقية، ويجعل من القضية الجنوبية، قضية عداء لكل ما هو شمالي، ثم تفسخت قضيتهم لكل ما هو يمني، وركزوا خطابهم على اتهام الجمهورية والوحدة والديمقراطية، ركزوا هجومهم على الأحزاب السياسية، أدوات التنمية السياسية، وبالتالي كان هجوما واضحا ضد التعدد السياسي، والتنوع الفكري والثقافي، ولم يعد مقبولا لهم غير من يناصرهم، وهي مؤشرات واضحة لحكم شمولي، ونظام الحكم الواحد الذي ذاق منه الجنوبيين مرارة الظلم والقهر والإقصاء والتهميش، التسريح والتهجير، نهبت ممتلكاتهم وأموالهم، وعادوا لأرضهم مع بزوغ فجر الوحدة المباركة، تلك المؤشرات هي شؤم بالنسبة لهم، وحددوا موقفهم منها.
كما حدد الكثير مما كانوا من دعاة الانفصال مواقفهم، بعد أن وجدوا انفصالا لا يخدم مبادئهم وقيمهم وأخلاقياتهم، ما حدث ويحدث في عدن سببا رئيسيا، وما يحدث لأخوانا الشماليين من تعامل مهين، ونهب وتقطع وقتل وسجون سرية، واستدعاء صراعات ماضي الجنوب وتصفية ثاراته، سياسات وسلوكيات لا يقبلها شخص عاقل متزن، صاحب ضمير إنساني، مناضل وطني، يحمل قيم ومبادئ وأخلاقيات، لا يقبلها إلا من هو على شاكلة النظام الذي ثار الشعب عليه، واعتقد أن من يحكم الجنوب هم من تلك الشاكلة، واختيروا بعناية من نفس البرميل القذر، وهي منظومة تشكلت من قبل الأعداء ليعود النظام حاكما، يؤدب شعبا تواق للحرية والعدالة والتحرر والاستقلال، في محيط مرعوب من أنظمة ترعى تلك المبادئ والقيم، لن يسمح لها أن تترسخ واقعا.
هل فهمتم ما يعانيه الجنوب، لا استقلال ولا حرية، بل تسليم واستلام للأعداء التاريخين، بيع وشراء بثمن بخس، وهناك شرفاء ومناضلين يتصدون لهذه الصفقات المشبوهة، ولن يسمحوا لها أن تمرر، والصورة أكبر عنوان.
* يمن مونيتور