يتحدث كل من اللواء محمود الصبيحي، واللواء فيصل رجب؛ عن اليمن، ووحدة اليمن، بلغة طبيعية تلقائية، هي اللغة اليمنية الطبيعية الأصيلة والأصلية، التي عرفها اليمنيون وألفوها، طوال حياتهم، وكفاحهم.
ولا بد من أن القائدين المحترمين، لا يعلمان حجم الترهيب والشيطنة، التي تمت خلال سنوات الحرب والسجن الثمان؛ لليمن واليمنيين، وكلما يمت لوحدة أرضهم وشعبهم وكرامتهم بصلة؛ وقد لا يعلمان أيضا، لحد الآن ؛ ما لا يقل ظلما وإجحافا ، وهو حجم التجديف والتشويه والإنكار، لماضي اليمن العريق، وحتى عن ما هية اليمن، على نحو ممنهج وماكر؛ حتى صار هناك من يقول: اليمن مجرد جهة، جنوب الكعبة، لا هي كيان ولا اجتماع، ولا تاريخ، ولا حضارة! وقد يقال لاحقا؛ اليمن، مجرد مساحة فقر عربية، تحدها من الشمال دول عربية غنية بالنفط!
أشار الشهيد محمد أحمد نعمان؛ النابغة في الحقيقة؛ في كتابه (الأطراف المعنية في اليمن؛ 1963) إن شعور الإجحاف الذي تعرضت له اليمن قديم، منذ السقيفة، ومنذ موقف سعد بن عبادة، وعبهلة بن كعب بن غوث المذحجي "الأسود العنسي"(وما جرى لهما ولمطالبهما من تشويه).
وقال العلامة، حمد الجاسر؛ وهو يقدم لكتاب صفة جزيرة العرب قبل خمسين عاما، أن الحسن الهمداني ينتفض، عند التعرض لليمن واليمانية؛ قالها الجاسر، معترفا بجهود الهمداني ونبوغه وعبقريته، ومتحفظا على ما اعتبره نزعته اليمانية القحطانية، لكن لعل الأستاذ الجاسر كان يدرك أبعاد ما كانت تتعرض له اليمن أثناء وقبل عهد المفكر الفيلسوف الحسن الهمداني.
ولعل الجاسر، قد أخذ في الحسبان كيف أن الرسي، جاء من أقاصي شمال الجزيرة، على اعتبار أن الله، في عليائه، قد اختاره، واصطفاه، ليحكم اليمنيين، هو وأبناؤه وأقرباؤه وأحفادهم، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، مع ما رافق ذلك من تبني تراتيب تمييزية عنصرية، ويعمل الحوثيون، اليوم، على استمرار كل ذلك وفرضه بقوة السلاح والقتال والإكراه والتضليل والعنف.
ونفهم موقف الهمداني، في سياق منافحة اليمن عن مكانتها وكرامتها، وفي وجه أي انتقاص من حقوقها؛ استنادا إلى ادعاءات ذات طابع ديني زائف، وتلك مزية إنسانية محمودة تعبر عن نخوة وكبرياء تحسب لليمنيين.
يفعل ذلك اليمنيون من قديم الزمان، واليوم، في سياق شغفهم بالعدل والإنصاف والحرية، وتمسكهم بقيم الإنسانية النبيلة منذ قرون؛ وما يزال أحفاد الهمداني، باقون وماضون ؛ ينافحون عن اليمن ذلك المظلوم المكلوم؛ ولكن اليمن الإنساني، العربي، الأبي ذو الشمم والكبرياء... وتعد العروبة معادلا موضوعيا لليمن أو تكاد، حيث انتشر اليمنيون فيما يعرف اليوم، بالبلاد العربية قبل الإسلام وبعده.
أما الحوثيون فقد عادوا بغبائهم وجهلهم وغلوائهم في ظل وجود ساسة وقادة أغبياء جاءت بهم الصدف والتقلبات والأقدار، وأحيانا الخارج، وفي ظل غفلة من أحفاد أبو محمد؛ الحسن بن أحمد الهمداني... ويؤسف أن هذه الغفلة تحدث في القرن الواحد والعشرين، لكنها غفلة يعقبها انتباه ويقظة، ويلاحظ ذلك الآن ولا تخطئه العين، على الرغم من عمق المأساة وضخامة الكارثة التي تسبب فيها الحوثي، وفاقمها آخرون.
بالمناسبة لا علاقة لموقف الصبيحي، ورجب؛ بكونهما كانا أسيرين عند الحوثي، فالحوثي ما يزال يهيم في عالم الخرافة والزيف والتضليل؛ بعيدا عن هم وهموم اليمنيين الحقيقية، وأحلامهم وتطلعاتهم، في الكرامة والحرية والوحدة والعدل؛ فهمه أن يكون سيدا حتى على قطعة صغيرة من اليمن، أو كبيرة، إذا أمكن؛ ولو بالحرب عبر الأجيال، وإلى يوم القيامة، كما يقول؛ مسنودا بزيف معتقدات الحق الإلهي الحصري، المزعوم، والاصطفاء على سائر البشر؛ وهو بما يتبناه من عقيدة وتطلعات في التسيد الحصري، يعد خصما لحق اليمنيين في المساواة والعدل والوحدة. وهو وأسلافه؛ بمعتقداتهم الغبية؛ وأعمالهم، كانوا وما يزاولون حصان طروادة؛ لكل ما نال اليمن، من ضيم وظلم وتجهيل وتهميش ودمار ومآسي عبر القرون، بما في ذلك ما يسميه الآن ؛ العدوان؛ وسببا لمجمل ما تعرضت له اليمن من اضطرابات، منذ عهد يحيى الرسى ؛ وعهد الحسن ابن أحمد الهمداني، إلى يومنا هذا.
وبعيدا عن دعاوى العنصرية البليدة، سيبقى الحوثي، وغير الحوثي، من كل أصل وجنس ودين ولون؛ أخ لكل اليمنيين في المواطنة والعروبة والإنسانية؛ إن هو تخلى عن عنفه ودعاواه الزائفة في الاصطفاء والحق الإلهي والمسيدة !
ونعلم أن مفهوم المساواة المطلق، هو ما يتضمنه دستور الجمهورية اليمنية، الذي انقلب عليه الحوثي، واجتاح عاصمة اليمن؛ صنعاء.
مرحبا؛ مجددا، بالصبيحي ورجب؛ وكل الأسرى والمختطفين المحررين، في رحاب الحرية واليمن الكبير.