إذا كان الرئيس السوداني عبدالرحمن الذهب هو ذهب العرب بتركه للسلطة طوعا ومغادرته لها رغبة ذاتية وتسليما إراديا، فالقائد علي محسن صالح هو ذهب اليمن، لتركه السلطة إرادة ورغبة شخصية فقد كان بإمكانه أن يفعل كما فعل عيدروس الزبيدي في انقلابه على الشرعية وتمرده على قراراتها والعودة إلى بلده وإعلان التمرد والانقلاب على المجلس الرئاسي، ولكن الكبير كبير والصغير يظل صغير.
اعلم جيدا أنني بالكتابة عن علي محسن، أعرض نفسي لمخاطر كثيرة، فوق المخاطر التي قد تعرضت له بسبب مواقفي السياسية وكتاباتي المناهضة ضد المتمردين الشيعة الحوثيين، فالكتابة عن شخص بحجم علي محسن، تعرض الكاتب عنه لمخاطر وأضرار كبيرة ولا زلت أدفع ثمن كتاباتي القديمة ضد الانقلابيين الحوثيين من بعد ظهورهم الأول بعهد الصريع حسين، وأتذكر أني كتبت ذات مرة مقال عن علي محسن قبل عشرات السنوات وتلقيت بعده اتصال تهديدي شديد اللهجة من الحوثيين، قال لي فيه المهدد الحوثي: أنت الصحفي محمد المقري؟
قلت له: نعم!
وعلى طول رد علي بغضب: شوف يا مقري يا كلب يا ابن الكلب علي محسن والإصلاحيين حقك ما بينفعوك وبنلاحقك إلى أين ما فريت فلن ينفعوك الإصلاحيين ولا علي محسن، فأيادينا بعدك وهي لك ولهم بالمرصاد ".
تذكرت هذا التهديد لما يجري ضدي منذ سنوات طويلة في المناطق المحررة، فهل إلى هذه الدرجة أن علي محسن والإصلاحيين رخوات وعديمين وفاء ولا يستطيعون التصدي للحوثيين ولوبيهم الاندساسي الوكيل للحوثي في ملاحقاتي وإيذائي وتهميشاتي ومعاناتي، وهل لهذه الدرجة أنهم ضعيفين حتى في مناطق سيطرتهم، وهل كان ابن المتعة الرافضين المهدد لي واثق من نفسه ثقة عمياء أنه سيلاحقني إلى أين ما هربت من الحوثيين، وأنه سيتمكن من النيل مني حتى وأنا في مناطق سيطرة الإصلاحيين وعلي محسن.
من يكتب عن القائد الجمهوري جنرال الجمهورية الثانية ومؤسس الجيش الوطني علي محسن صالح، فعليه أن يجهز نفسه لمعاناة جديدة، وملاحقات وتربصات عديدة، وتهميشات شديدة، ومؤامرات ومكائد ومكيدة ونكران للذات وجحود وخذلان كبير، ولذلك فلا تجد أحد يكتب عنه نهائيا بسبب هذا الشيء، وبسبب أن الكتابة عنه تغيظ أعدائه، فتجعلهم ينزلون كل قوتهم فوق الكاتب ويسخرون كل طاقاتهم وجهودهم ويحركون عملائهم وأحذيتهم لملاحقاته وتهميشاته واحاكة المؤامرات ضده والتخطيط المستمر للإيقاع به، وكل ذلك يقع بالقرب من علي محسن، وتحت سيطرة الإصلاحيين الذين يستغل الحوثيين ضعف شخصياتهم وعدم ثقتهم بأنفسهم واهتزازهم فيجعلونهم وعبر لوبي اندساسي مغروس بينهم يخذلون الأحرار ويهمشون الثوار في خدمة واضحة من أيادي المهدد الحوثي لمليشيات إيران الأشرار.
وبما أني وهي فطرة فطرت عليها أحب علي محسن، فلا بد أن أواصل التضحية، ومن حب لازم يضحي، ويضحي بحاله وصحته ونفسيته وعقله وباله، حتى وإن كان هذا الذي تحبه عديم المشاعر والأحاسيس والوفاء ويقابل حبك بالخذلان والصد والأنانية والنكران والجحود.
علي محسن صالح رمز الجمهورية الثانية، واحد قياداتها، سيكتب له التاريخ بحروف من نور تنازله عن السلطة سلميا، وكما أشرنا كان باستطاعة محسن العودة إلى مأرب وإعلان عدم الموافقة على المجلس الرئاسي، ولكن لان الرجل يضع مصلحة اليمن فوق كل المصالح، ولديه نظرة ثاقبة للمستقبل، الذي ستكون ليده فيه دور بارز في إنقاذ اليمن من التمزق والتشرذم الذي تمر فيه حاليا، ولديه نظرة ثاقبة أن المقاومة الشعبية التي يعد هو أحد قياداتها هي من ستحرر اليمن والجزيرة العربية من الاحتلال الإيراني الفارسي.
تابعونا في كتاباتنا عن رجال حول الجمهورية ورجل حلقتنا القادمة هو الشهيد القائد الشيخ أمين ناجي الرجوي الدينامو المؤسس للجمهورية الثانية.