منافسة شرسة تشهدها الساحة الانتخابية التركية، وهي بطبيعتها تثري الحياة السياسية والتجربة الديمقراطية بغض النظر عن الرابح أو الخاسر فيها، وهذه المرة ظلت عيون كثيرة في العالم ترقب هذا المارثون الانتخابي، وبطبيعة الحال سعت كثير منها للتأثير على نتائجه في واحدة من أهم الدول المحورية في المنطقة في ظل التغيرات الكبيرة والتحالفات الجديدة بين دولها، وكان اللقاء الذي عقدته دول الخليج مجتمعة مع الحكومة التركية قبيل الانتخابات إحدى التعبيرات عن عملية إعادة ترتيب الأوراق بين دول المنطقة لمواجهة التحديات التي فرضتها التحولات الدولية.
وإذا فاز أردوغان بالرئاسة سواء في هذه الجولة أو الجولة الثانية -وهو متوقع- وإذا حافظ التحالف الذي يقوده حزبه بالأغلبية في البرلمان، في ظل التزام المنافسين بالتسليم للنتائج والقواعد الديمقراطية؛ فإن اردوغان خلال فترته القادمة سيختتم مسيرته برصيد ثري من الإنجازات الاستثنائية في مجالات السياسة والاقتصاد التي انتزعها من وسط التعقيدات الكثيرة خلال العقدين الماضيين، وستظل تلك الإنجازات مصدر إلهام للشعب التركي، كما سيمثل فوز التحالف الذي يقوده حزبه في البرلمان بداية مرحلة جديدة من الفاعلية في ملفات السياسة والإدارة والتنمية، والاستعداد والإعداد للبقاء في صدارة الحضور في (تركيا ما بعد أردوغان) بعد خمس سنوات.
وبقدر إعجابنا بالنجاحات التي تحققها الدول لصالح شعوبها في محيطنا الخليجي والدول الإقليمية المستقرة؛ بقدر ما تنتابنا الحسرة والألم على ما آلت إليه مقامرات جماعات العنف والإرهاب والانقلابات في العودة بوطننا إلى وضع ما قبل الدولة، وما تسببت به من معاناة إنسانية للشعب اليمني ومصادرة حقوقه ومكتسباته ومقدراته، لكن لا زال الشعب اليمني الصابر وثاباً لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبنائها؛ باستلهام النجاحات من تاريخنا ومن التجارب المحيطة بنا، مستمداً العون من الله أولاً ثم من عزائمه الصلبة، وإسناد أشقاء اليمن وأصدقائه.