كان الصراع بين شركاء الوحدة، على السلطة، وليس على الوحدة في الأصل، وعندما فشل الشركاء في إيجاد تسوية، اتجهوا إلى الحرب، أو هربوا إليها على حد تعبير الرئيس علي ناصر محمد.
وكثيرا ما كان الصراع، على السلطة في اليمن، يفضي إلى شكل من أشكال العنف، سواء كان ذلك بالاغتيال، أو الاحتراب.
كان ينظر، إلى احتكار قمة السلطة، في شمال الشمال، باعتباره مشكلة حقيقية بالنسبة لأبناء المناطق الأخرى في اليمن، وبدا وكأنها حق حصري، مقابل الحق الإلهي؛ وقلت في مقابلة صحفية في 2007، وفي مناسبات أخرى؛ إن قمة السلطة، ظلت محتكرة، منذ حقب؛ في البطنين؛ الحسن والحسين، ومن ثم في الجناحين (حاشد وبكيل) في العهد الجمهوري (ما عدا القاضي الإرياني). وعند التطرق لعهد القاضي الإرياني، قال لي الشيخ ناجي الشايف، في عمان؛ كان الشيخ عبدالله والشيخ سنان هما اللذان يحكمان في عهد القاضي! وقلت للشيخ حميد الأحمر في 2011 إن المقبول منه أن يكون شيخا ثائرا وليس شيخ الثورة، كان ذلك عنوان مقال كتبته في أغسطس من ذلك العام.
وكان التخوف من سيطرة شيوخ القبائل، سببا لتحفظ حمود الجايفي، في قيادة الثورة في 1962، وفقا للواء عبدالله الراعي، في كتابه ثورة وثوار.
كان التعويل كثيرا أن تكسر الوحدة اليمنية هذا الإحتكار، لأن تركز السلطة في جهة بعينها، لفترات طويلة، في بلد مثل اليمن، يسفر عن تبعات وتعقيدات. وقد تحدث الأستاذ علي سالم البيض من قبل، عن رفض الإحتكار وقال لا نقبل ماورونية سياسية في اليمن؛ وكانت خطابات السيد البيض مؤثرة جدا؛ وكان بالإمكان أن يقود تغيير واسع وعميق، لكنه تسرع ونكص عن الوحدة؛ بدعم خارجي، منقطع النظير، وكان الدعم يتعاظم بسبب تأثير وتبعات غزو الكويت من قبل العراق، وكان الدأب والصبر والنضال مع الحفاظ على الوحدة، كفيل بحل مشاكل كثيرة في اليمن، بما في ذلك قضية السلطة.
طرحت أهمية أن يكون الرئيس القادم من الجنوب، في مقابلة مع صحيفة الأهالي في 7/11/2007، بعد العودة من عدن، ولحج، حيث رأست لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في أحداث منصة ردفان؛ وقلت حينها بأنه لا يصح للرئيس، صالح الترشح، في 2013، ولا يصح التوريث أيضا، وأن ترشيح صالح في 2006 كان خطأ تاريخيا؛ ولعل صالح قد أدرك ذلك لاحقا؛ وكنت ممن يتوخى أن يتبنى المؤتمر الشعبي مرشحا للرئاسة من الجنوب في 2013، قبل الربيع 2011، ولا بد من أن يكون رئيسا حقيقيا، وليس صوريا، كما ورد في تلك المقابلة المشار إليها أعلاه. وحفزني لتلك المقابلة، ما كتبه أحد المقربين من أحمد علي تحت عنوان: يمن أفضل في عهد أحمد علي! وفي زمن التوريث في الجمهوريات، جاءت فكرة التوريث في اليمن؛ وترتب على ذلك، بناء وحدات عسكرية؛ لخدمة تلك الفكرة؛ ولا اعتراض؛ على وصول أحمد علي أو غيره إلى قمة السلطة، لكن الإعتراض كان على التوريث المباشر، في نظام بنيت جمهوريته على جماجم من الشهداء. وقد يحسن التأكيد من جديد، وهذا ما سبق وطرحناه، عند ترشيح الرئيس هادي، بأن رئيس اليمن القادم، أو القادمين؛ يمكن أن يكونوا من أصل قحطان، أو نسل عدنان، أو أي مواطن يمني صالح، من أي أصل كان. ومن غير شك، فإن ما جرى ويجري، في اليمن، سوف يسفر عنه وضع جديد، بما في ذلك كسر الاحتكارات، ولعل بروز رئيس من الجنوب، بعد 2011 يحمل دلالات ذات أهمية عما يحمله المستقبل، وقد كان ذلك مرحب به من قبل قوى شمالية، ومن شمال الشمال تحديدا، ولسنا بصدد تقييم عهد الرئيس هادي الآن، إذ يحول عن ذلك ملابسات كثيرة. ولا ننسى الزخم المؤيد لمرشح الرئاسة الحضرمي فيصل بن شملان، بما في ذلك في محافظة عمران الزيدية؛ إن شئت، والحاشدية البكيلية، وغيرها من مناطق شمال الشمال، وهذا يعني أن التحالفات العابرة للقبائل والأحزاب، والمناطق، ستحدث في المستقبل فوارق هائلة، ولا داعي للعب على ورقة الوحدة، والإنفصال، بحجة أن هناك جهات غير قابلة للتحويل والتبديل.
وعلى أهمية وجود دولة مركزية وسلطة مركزية قوية في دولة مثل اليمن؛ فإن توزيع قدر كبير من السلطة على المحليات؛ محافظات، أو أقاليم؛ من الأهمية بمكان.
في اللقاء التشاوري في عدن؛ تم تبني النظام الفيدرالي، وفي مؤتمر الحوار الوطني، سبق وتم تبني النظام ذاته... ونكرر السؤال؛ ما هو النظام الذي يصلح لشبوه وأبين، مثلا؛ ولا يصلح لتعز والبيضاء؟ ونعرف بأن لا فوارق تذكر، لكن إعادة التشطير، والتجزئة وتقزيم اليمن؛ هو المقصود لذاته، وليس أي شيء آخر... وصار يترد منذ فترة؛ ما دام الحوثي مسيطر على الشمال، فلا كلام عن الوحدة! وسمعنا ذلك مؤخرا من اللواء فرج البحسني، عضو الرئاسة القيادي، ونائب رئيس الإنتقالي الجديد، ومن آخرين أيضا.