عادة؛ تُعد مسودة البيانات الختامية، للقمة قبل موعد انعقاد القمة، ويعتمده وزراء الخارجية ويقدم للقمة لإقراره وإعلانه، وفي حالة يواجه وزير الخارجية أمرًا شائكاً فإنه يتشاور مع رئيسه، الذي يوجهه بما يراه مناسباً.
منذ 2015 تتقدم اليمن بنفس المشروع والصيغة؛ فيما يتعلق بموضوع الحفاظ على وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه، ويعتمده وزراء الخارجية العرب دون نقاش بطبيعة الحال، ومن ثم يعتمده القادة العرب دون اعتراض أيضاً، وحدث هذا في قمة شرم الشيخ بمصر 2015، ونواكشوط بموريتانيا 2016، والبحر الميت في الأردن 2017، والظهران في السعودية 2018، وتونس 2019 وفي الجزائر، 2022.
وهذه المرة أيضاً؛ في قمة جدة 2023، تقدمت اليمن، بنفس المشروع، والصيغة، كالعادة، ودون تغيير، عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وكانت معتمدة في مشروع المسودة، وقد تم نشر ذلك في كثير من وسائل الإعلام؛ غير أن البيان بصيغته النهائية، أو ما سمي إعلان جدة، الذي تم نشره في وكالة الأنباء السعودية (واس) الدولة المضيفة، خلا من تلك العبارات ذات الأهمية القصوى والموقف الواضح الصريح تجاه وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه، التي تضمنها المشروع، المقدم من الحكومة اليمنية، والذي تضمنتها كل بيانات القمم السابقة، كما أشرنا أعلاه.
ويبقى السؤال؛ من المسؤول عن ذلك، وأين موقف الخارجية ورئاسة الدولة اليمنية من ذلك، وهل ما حدث كان بتراً، دون موافقة الخارجية والرئيس، أو أنهم وافقوا عليه، أو كان استدراكاً منهم، وهم الذين طلبوا ذلك، ويعبر عن موقف الرئاسة بعدم الاكتراث بالحفاظ على وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه.
ونطرح هذا التساؤل المؤلم بحق، إذا أخذنا بعين الاعتبار؛ القرارات الرئاسية بالتعيينات، في شبوة، وحضرموت، وسقطرى، وغيرها، وجميعها يصب في مصلحة التوجهات الانفصالية، وكذلك البيانات، والتصريحات، الصادرة، من الرئاسة ومكتب الرئيس؛ التي تتضمن؛ احترام تطلعات الانفصاليين، وحق تقرير المستقبل السياسي للجنوب، والاعتراض على بيان الإتحاد الأوروبي، المتضمن، دعم وحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه؛ وكذلك أيضا، كلمة الرئيس العليمي، في قمة جدة 19 مايو 2023 الذي تضمن دعم وحدة سوريا، ولم تتطرق إلى وحدة اليمن.
وبداهة؛ وخلاصة؛ فإن إعلان جدة، الذي لم يتضمن الموقف الصريح، لدعم وحدة اليمن واستقراره وسلامة أراضيه، لن يتم إلا برضى ومواقفة الرئيس صراحةً أو ضمناً، وآمل أن لا يكون بطلب منه.
والسكوت علامة الرضى
لكن الأمر جلل.
وإذا لاذ بالصمت كثيرون فهناك من لن يسكتوا، تجاه مشاريع التجزئة والمخاطر والخراب الذي يجري ويرتب لبلدهم أمام سمع الدنيا وبصرها.