دعاة المشروع الانفصالي وداعميه؛ يقولون الآن: ما دام الحوثي مسيطرا على الشمال، مع من نتوحد؟! مع الحوثي؟! كلا!
يقال هذا الكلام، وكأن الوحدة اليمنية ما تمت قبل ثلث قرن بالوفاء والتمام، وكأن دولة "الجنوب العربي" قائمة ويجري الحوار معها الآن، حول وحدة اليمن! وكأنها لا توجد دولة تسمى الجمهورية اليمنية تعترف بها كل دول العالم، ويحمل جوازها حتى قادة الانفصاليين.
يقولون حرروا الشمال من الحوثي أولا؛ ونتفاهم. ونقول: التفاهم قد حصل، والوحدة قد تمت في 22 مايو 1990. وتحرير الشمال مسؤولية الدولة التي تتم محاولة الإجهاز عليها وتدميرها بنيران صديقة، لصالح المشروع الطائفي في الشمال والقروي الجهوي في الجنوب، ولصالح من يرى في تفتيت اليمن مصلحة خاصة له، ولكن هيهات.
شوفوا يا إخوان؛ إحنا عارفين والله؛ إن الرغبات الشريرة ضد وحدة اليمن، ليست من الآن، لكن من عهد الاستعمار، وعملاء الاستعمار، ومن عام 1990، وما قبل عام 1990 ومنذ عام 1994 أيضا.
ونعلم أنه كان يمكن تحاشي حرب 1994 لولا تدخلات الخارج، وتحفيزه، وإغراءاته ودعمه غير المحدود للانفصال، وكان يمكن للأستاذ البيض، أن يجد طرقا أخرى كثيرة لمعالجة الخلافات مع شركائه، غير التصعيد والترتيب للعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990، الذي تسبب في تفجير الحرب. وقد كان جل الشعب اليمني، يقف إلى جانب البيض عندما كان يتبنى قضايا الشعب اليمني كافة في الجهات الأربع، وعندما شعروا بأنه يمضي بعيدا ويرتب للانفصال، أحجموا عنه، وانفضوا من حوله.
وقبل سنوات، حمله فايرستاين السفير الأمريكي السابق لدى اليمن، جزءا من مسؤولية تلك الحرب، وقال لا بد من إن يعتذر البيض أيضا عن الحرب.
ولا ندافع عن أخطاء الآخرين، في الطرف الآخر في حرب 1994، والذي كانت لهم الغلبة، في تلك الحرب؛ فقد ارتكبوا من الأخطاء الكبيرة، وسوء التقدير، والفساد ما لا حصر له، ودفعت البلد التكاليف الباهظة، جراء الغرور وقصر النظر، وكان أولى أن تجرى مصالحة وطنية حقيقية بعد تلك الحرب، ولا يستبعد أحد باعتباره كان في الطرف الآخر من المعركة في 1994، وكان يجب أن تعطىٰ جميع الحقوق إلى أهلها في كل القطاعات، دون تأجيل.
والآن؛ يراد استدراك ما فات، ويرى بعض "الأحباب" أن الفرصة حانت من جديد، لإعادة تشطير اليمن وتقسيمها وتقزيمها، ولا عذر أقوى عندهم من هذا الحوثي، الذي يتم تثبيته وتضخيمه وغض الطرف عنه، وعدم الجدية في مواجهته كونه يصلح ذريعة انفصالية!
تعرفون، كيف تم دحر الحوثي سريعا طوال الساحل الغربي، حتى شوارع مدينة الحديدة، عندما توفرت النية والرغبة، والإمكانيات. ولاحظنا تقهقر الحوثي في بيحان، بسرعة قياسية. لكننا نعرف معنى الوقوف عند الحدود الشطرية السابقة؛ ومغزى منع الجيش من التقدم نحو صنعاء، وقد كان على مقربة منها؛ وعدم إمداده بالإمكانات والتجهيزات اللازمة لأكثر من ثلاث سنوات وهو على أبواب صنعاء، ونعرف آلاف الشهداء من القادة الأفذاذ والصف والأفراد الأبطال الذين لن تنساهم اليمن، وكانوا نموذجا مشرفا في الاستبسال والصمود والفداء.
ونعرف من هو الحوثي، وما هي إمكاناته، وقدراته، منذ بدأ زحفه، باتجاه صنعاء، مرورا بعمران، ولن نكرر الحديث عما نعرفه، وما صرح به بن عمر الذي كان شاهد عيان حينها، يرى ويسمع ويطلع، وقد يضطلع أحيانا بتواطؤ مع هذا الطرف أو ذاك! لكنه قال الحقيقة، أو جزءا منها: إن الحوثي كان قوة ضعيفة جدا؛ وإن غباء الساسة هو الذي، يسر وسهل للحوثي دخول صنعاء، وأضيف: أن مشروع الانفصال كان مضمرا عند البعض في استخدام الحوثي، وكانت تداعيات 2011 حاضرة عند البعض الآخر، أما 1962 فقد كانت كلمة السر عند الحوثي، مثلما أن تدمير معنى ونتاج 22 مايو 1990 هدف عند آخرين..
ونعرف الآن؛ وندرك أن الحوثي كان يمكن أن يكون في خبر كان، بعد شهور من بداية المعركة بمشاركة التحالف، لكن تبدأ أن الهدف، هو التشطير وإعادة تقسيم اليمن، بحجة صعوبة الوحدة مع الحوثي!
نحن لا نريد الحوثي في كل مناطق اليمن، لكننا لا نقبل تقسيم بلادنا، بحجة وجود الحوثي، فهذا العجيب الغريب؛ الحوثي، موجود اليوم، لكنه غدا سيتلاشى، ويذهب إلى الجحيم، والشعب اليمني باق، وكفيل، بالتحرر من الحوثي، مثلما تحمل الشعب مسؤولياته في التخلص من الإمامة والاستعمار من قبل. أما التحالف، فقد تدخل بحجة التخلص من الحوثي وجاء لمساعدتنا لهذا الغرض وحده، وليس للتخلص من الوحدة، وتقسيم اليمن، بسبب الحوثي!
فكرة تقسيم اليمن، لؤم وخيانة، وغدر وجريمة تاريخية، لن يقلبها أحرار اليمن، والله؛ والتعذر بوجود الحوثي، للتخلص من الوحدة، هو ما ينطبق عليه، عذر أقبح من ذنب!
ويصعب استغفال اليمنيين طوال الوقت؛ أما أولئك الجاهزين للاستغفال والاستهبال، والبيع بأي ثمن، فماذا عسانا نقول لهم، لكنهم لن يفتوا في عضد أحرار اليمن، مهما استخدموا مطايا.