كان خطاب العليمي بمناسبة العيد الوطني 22 مايو، صادماً جدا ومفاجئاً، ومخيباً للآمال، على نحو غير متوقع، مع أن بعض مضامين كثير من العبارات التي وردت في الخطاب، كانت قد وردت، في تصريحات من مجلس القيادة، ومكتب العليمي نفسه من قبل، وكنت قد علقت عليها في حينه ربما للتحذير والتنبيه، وكان يقول البعض إن تلك التصريحات مجرد مجاملات، وتهدف للتهدئة، مع أن مواقف أخرى وقرائن أخرى، مثل التعيينات في سقطرى، وشبوة، وحضرموت، وفي مجال القضاء، والجانب العسكري، والموقف من بيان الإتحاد الأوروبي المؤيد للوحدة ، وإخفاء موقف مصر المؤيد، لوحدة اليمن، كلها تعزز الشكوك حول طبيعة دور الرجل ومهمته ومشروعه، ولكن ما تضمنه خطابه، بمناسبة العيد الوطني 22 مايو، وخاصة بعد تكثيف نشاط الانفصاليين، وضم اثنين من زملائه إلى الانتقالي الانفصالي، كان تمادياً صادماً ومفاجئاً، مع سبق إصرار.
الجديد في الخطاب، الذي احتفى به الانفصاليون كثيراً؛ قال العليمي؛ إنه منفتح على كل الخيارات! والمقصود، بما في ذلك خيار الانفصال!
وقال إن الوحدة أُفرغت من مضمونها، وقد يكون لنا تناول لاحق حول هذه الفكرة، لكنه يعلم ما الذي تم منذ تولى الرئيس الجنوبي، عبدربه منصور هادي، الذي قال صادقاً، إنه حقق للجنوب أكثر مما تحقق لها بموجب اتفاقية الوحدة 1990واتفاقية العهد والاتفاق 1994.
ومن الذي يمنع أن يأخذ الجنوب حقه كاملاً بالطول والعرض في إطار الجمهورية اليمنية مثل كل المناطق والجهات في اليمن، وبانتظار أن يتبنى أبطال وقادة من الجنوب مشروعاً وطنياً غير فئوي ولا جهوي ولا طائفي ولا أناني، يخدم كل اليمن وشعبها، ويحقق العدل والمساواة لليمن واليمنيين، بكل جهاتهم وفئاتهم، وسيجد مثل ذلك المشروع المؤازرة والدعم والتأييد من كل أحرار اليمن. إن تبني مثل ذلك المشروع الجامع ليس كبيراً على الجنوب ورجاله الكبار.
الذي لا يليق بأهل الجنوب ولا يشرفهم هو مشروع
التجزئة والانفصال، واليمن ليست كبيرة عليهم.
ولننظر إلى إرث قائد عربي كبير، لدى أقرب جيراننا، عبدالعزيز آل سعود. كان الرجل كبيراً بحق، ومشروعه كبير، وإرثه ضخم، يساوي أكثر من أربعة أضعاف مساحة اليمن، التي تُشحَذ سكاكين الجزارين لتقطيعها وتمزيقها.
هل عقمت نساء اليمن أن يلدن كباراً في هذا الزمن؟!
في خطاب العليمي المخيب للآمال، تم التأكيد على ما سبق، الحديث عنه، من قبل الرئاسة ومكتب الرئيس، مثل تحقيق التطلعات (الانفصالية)، وتقرير المستقبل السياسي، وكلها، تخدم أغراض الانفصاليين، ومن يقف خلفهم في تبنى مشروع تجزئة اليمن، وتقطيعه وتمزيقه إرباً.
لم يكن يتوقع أحد أن يصل بالعليمي التفريط بوحدة الوطن إلى هذا المستوى، ويبدو أنه يفهم أن دوره ومهمته محددة ليكون جسراً لتمرير تفكيك اليمن وتجزئته، وما كان أحد يتوقع أن يكون بهذا المستوى الخطير من التسهيل والتيسير للمشروع الانفصالي، وربما ما خفي أخطر وأعظم، تجاه أهم إنجاز تاريخي حققه اليمنيون، عبر السنين، في التاريخ المعاصر .
ولذلك نأمل من كل أحرار اليمن، أن يتنبهوا ويتصدوا لمثل هذه التماديات والتجاوزات والدور الخطير.